ملامح الصحافة الفرنسية
تغول المستوطنين في الضفة الغربية.. وتحول تركي تجاه الحالة السورية
لوموند
نشرت صحيفة لوموند يوم أمس افتتاحية بعنوان: «في الضفة الغربية مأساة، مرتبطة بسياسة» تحدثت فيها عن بعض أبعاد الجريمة المروعة التي اقترفها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية وراح ضحيتها طفل رضيع لا يتجاوز عمره 18 شهراً، تعرض للحرق حيّاً، فيما لا يزال ذووه بين الحياة والموت وقد تعرضوا لحروق كبيرة للغاية بنسبة 90%، وكذلك تعرض طفل آخر لا يتعدى عمره 4 سنوات لجروح بالغة، بسبب هجوم المستوطنين. وقالت الصحيفة إن مسارعة نتنياهو ووزير دفاعه للتنديد بهذه الجريمة الشنيعة، ووصفها بأنها عمل إرهابي، لا يكفي لتربئتهما أو تقديمهما على أنهما غير مسؤولين عما جرى، لأن هذه المأساة لا يمكن فصلها عملياً وموضوعياً عن سياساتهما الاستيطانية التي ينتهجانها في الضفة الغربية المحتلة.
واعتبزت لوموند أن تغول سياسات الاستيطان وعربدة الممارسات الاحتلالية التي تشكل الجزء الأوسع من متن خطابة نتنياهو واليمين الصهيوني عموماً هي التي أدت إلى وقوع جريمة كارثية بهذا الحجم، على أيدي مستوطنين متطرفين، وفي مأمن من العقاب. وبترويج مثل هذه السياسة المتعصبة والاحتلالية تمكن نتنياهو أصلاً من ضمان إعادة انتخابه للمرة الرابعة على رأس حكومة من اليمين المتطرف هي الأكثر تعصباً وتشدداً في تاريخ إسرائيل. وهي حكومة تعلن، رسمياً، أن هدفها هو تكثيف الاستيطان بمنطق العنف والقوة والقسوة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية. وليس سراً أن «حزب المستوطنين» المتطرفين لم ينل يوماً من الحظوة والقوة والتمثيل مثل ما يتمتع به الآن في حكومة نتنياهو الراهنة، التي هي في المقام الأول حكومة غلاة مستوطنين، ومن هنا فإن اقتراف مثل هذه الجريمة المأساوية أمر متوقع للغاية منها، تماماً مثلما أنها هي المسؤولة أيضاً، أولاً وأخيراً، عن إفشال كافة جهود ومساعي إيجاد تسوية أو تقدم من أي نوع على طريق السلام.
ليبراسيون
خصصت صحيفة ليبراسيون افتتاحية بعنوان: «هشيم» أدانت فيها جريمة المستوطنين الإسرائيليين قائلة إن كل صيف يمر تزداد معه وتتراكم محنة ضحايا العنف والاستيطان الإسرائيلي، وستسمر المعاناة طالما لم توقف إسرائيل تغولها وممارساتها الاحتلالية والاستيطانية. وينبغي قولها وإعادة تكرارها بصراحة ودون أدنى لبْس: إن الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي، والمخالف لكل القوانين الدولية، بات اليوم سرطاناً، يفتك بأية فرص تسوية، وصخرة كأداء على طريق عملية السلام، بل إنه يقضي علي روح السلام من الأساس، ويفشل أية جهود أو مساعٍ دولية صادقة من أجل تحقيقه، وذلك بعمله على خنق حلم إقامة الدولة الفلسطينية. ويكفي هنا إلقاء نظرة على أية خريطة، كتلك المتوافرة على موقع المنظمة غير الحكومية الإسرائيلية «بيتسليم» لرؤية حجم تفاقم استشراء أعمال الاستيطان والتوسع الاحتلالي الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث يعمل اليمين الصهيوني الاستيطاني الحاكم في تل أبيب على فرض سياسة الأمر الواقع ووضع اليد بالقوة على الأراضي، ويدفع بعشرات الآلاف من المستوطنين المتعصبين إلى المستوطنات المتوالدة بشكل سرطاني، وهم ذاتهم المستوطنون الذين يعاني الشعب الفلسطيني من تغولهم وجنونهم وإرهابهم وممارساتهم الإجرامية كما وقع الآن بحرق الأطفال والمدنيين الآمنين.
كما نشرت ليبراسيون أيضاً تغطية إخبارية موسعة للاحتجاجات التي عرفتها الضفة الغربية، من ضمنها ريبورتاج لمبعوثها الخاص إلى هناك نسيم بحار، استعرض فيه بعض صور التصعيد الاحتلالي من قبل المستوطنين خلال الأيام الماضية، والتظاهرات الاحتجاجية الغاضبة في شوارع مدن الضفة، ضد جرائم الاستيطان وجيش الاحتلال معاً. واستعرض المراسل أيضاً صوراً من الاشتباكات شبه اليومية في القدس الشرقية والأراضي المحتلة، وخاصة بعد تكرار اعتداءات المستوطنين على المساجد وعى المدنيين العزل الآمنين خلال الأيام الماضية الأخيرة.
لوفيغارو
نقلت صحيفة لوفيغارو عن عالم السياسة التركي «أحمد أنصل» قراءة في خلفيات التحول الأخير في مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه سبل التعامل مع تحدي «داعش»، وأيضاً مستقبل دور بلاده في دعم التحالف الدولي الرامي للقضاء على ذلك التنظيم الإرهابي، وخاصة بعد سماح أنقرة للقوات الحليفة باستخدام قواعد جوية تركية لضرب «داعش»، هذا فضلاً عن دخولها هي نفسها على خط ضربه، وضرب بعض الحركات الكردية المعارضة لها والتي تنشط هي أيضاً في شمال سوريا والعراق. وقال الخبير التركي في المقابلة إنه يصعب الجزم بأن أنقرة تلعب الآن لعبة بمعايير مزدوجة، على رغم ما تعرض له تمنعها السابق من انتقاد واسع من قبل الحلفاء، وقد دعمت في البداية بعض جماعات المعارضة السورية المسلحة التي استطاع «داعش» فيما بعد احتواءها والسيطرة عليها.
واعتبر الخبير أن أردوغان الذي يعتبر إسقاط نظام الأسد أولوية الآن في سوريا، كان قد انفتح قبل أقل من عشر سنوات على ذلك النظام، وفتح معه الحدود ووسع الشراكات التجارية، ولكن مع بداية الثورة السورية، ضمن ما سمي «الربيع العربي»، كان الرئيس التركي يسعى لتقديم نفسه كزعيم إقليمي داعم لجماعات ما يسمى الإسلام السياسي، التي كان من ضمنها بعض فصائل الثوار السوريين. ومع سقوط تلك الجماعات وإخفاقها في مخاضات «الربيع العربي» أخفق رهان أردوغان أيضاً، وزاد مأزقه أكثر مع تراجع الأميركيين ثم البريطانيين عن التدخل في سوريا، وبعدهم تراجع الفرنسيون، وبقي هو وحيداً ضمن اصطفاف إقليمي صعب، وعلى أبواب مأساة سورية تتفاقم، بشكل لم يبدُ حتى الآن أي بصيص ضوء في نهاية نفقه الطويل المظلم.
إعداد: حسن ولد المختار