ما من باحث إلا ويستخدم آلية «التأويل»، خصوصاً حين يجد نفسه أمام واجب علمي يضبط بموجبه القراءة حرفاً ودلالة واحتمالاً، لكن ينشأ التعقيد والحساسية حين يكون أمام القداسة. ونستطيع متابعة احتمالات أخرى وفق واقع الحال، مما لا يُعد ولا يُحصى أو لا يُفصح عنه. وأهمية التأويل تتعلق بكينونة المسألة المطروحة في حياة الناس ضمن أحد حقول الحياة المجتمعية وملحقاتها.
وتفصح مسألة التأويل عن نفسها بالدرجة التي تسمح بها تلك المجالات وغيرها مما يتصل بحياة المجتمع وأحوالها الراهنة، لاسيما المجتمع العربي الذي تتماس كثير من مشكلاته مع قضية الحريات الفكرية والثقافية والاجتماعية، خصوصاً ما يتّصل بعقبات الحقل الديمقراطي.
وفي هذا الخصوص يكفي ما كنا نسمعه في بعض المجتمعات العربية سابقاً، وما أصبح جزءاً من حياتها الحالية المعيشة، أي ما تفصح عنه بعض الأناشيد وليدة السجون في تلك المجتمعات وبلدانها، حيث غابت الحرية بجميع الصور وغُيّبت من حياتها!
والسؤال هنا، كيف تتم الكتابة عن ضحايا العسف في تلك المجتمعات والتأريخ لهم؟ وكيف نكتشف حيثيات التأويل في مثل هذه الحالات؟! إنه سؤال هام في بلدان عربية يقضي سكانها جزءاً كبيراً من حياتهم في التحضير لدورة انتخابية جديدة، بينما يمثل الأمر موتاً وتدميراً للتاريخ الوطني!
وفي مجال آخر للتأويل وتطبيقاته، نجد على الصعيد القرآني فكرة حاسمة وفي غاية الأهمية، ألا وهي ظهور حالة من الانضباط المنهجي الشديد والصارم لدى كتابة النص القرآني نفسه. وهنا يُطلّ علينا الكاتب المصري محمد طاهر بن عبدالقادر الكردي، الذي كتب بحثاً بعنوان «تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحُكمه» صدر في طبعته الثانية، عام 1953 بمصر. في هذا الكتاب يرد سؤال أساسي بالمعنيين التاريخي والمنهجي: لماذا نزل القرآن منجماً؟ أما الجواب، كما جاء في تفسير ابن كثير لسورة القدر: «قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا»، ثم نزل مُفصّلا بحسب الوقائع.
لكن الكردي يذكر أوجهاً أخرى، منها أن الله نزّل «القرآن منجّماً» ليقوي به قلب الرسول، فيعيه ويحفظه.. وأن حكمة الله تعالى اقتضت أن يكون في القرآن ما هو ناسخ وما هو منسوخ.. وأن في تفريقه رحمة بالعباد، إذ لو نزل عليهم دفعة واحدة لثقلت عليهم التكاليف.
وفيما يتصل بمسيرة ضبط النص القرآني، كان هناك تحسّب لحدوث إجماع بين القراء (الحفاظ)، وهو موقف عقلاني وديمقراطي للغاية، حيث تم الركون لرأي الأكثرية باعتبارها تمثل الحكمة والصحة، مما أغلق الباب أمام أي خلاف قد يُفضي إلى أقوال ضعيفة أو شاذة.
ذلك غيض من فيض، فالحدث الكبير في حينه (بل في كل حين)، ما يزال مفتوحاً للقراءة والتأويل، خصوصاً مع وجود فكرة الناسخ والمنسوخ، كتجسيد للتجدد الدائم.
وهكذا فإن حياة البشر والمجتمعات تأتي دائماً بحلول لمشكلاتها، حلول معرفية ومنهجية، ترفع من مستوى التطور الحضاري باستمرار! وهنا، يظهر التأويل كآلية عقلانية في الاستجابة للتحديات لاحتياجات المؤمنين وفي تطوير حياتهم الإنسانية.
وتفصح مسألة التأويل عن نفسها بالدرجة التي تسمح بها تلك المجالات وغيرها مما يتصل بحياة المجتمع وأحوالها الراهنة، لاسيما المجتمع العربي الذي تتماس كثير من مشكلاته مع قضية الحريات الفكرية والثقافية والاجتماعية، خصوصاً ما يتّصل بعقبات الحقل الديمقراطي.
وفي هذا الخصوص يكفي ما كنا نسمعه في بعض المجتمعات العربية سابقاً، وما أصبح جزءاً من حياتها الحالية المعيشة، أي ما تفصح عنه بعض الأناشيد وليدة السجون في تلك المجتمعات وبلدانها، حيث غابت الحرية بجميع الصور وغُيّبت من حياتها!
والسؤال هنا، كيف تتم الكتابة عن ضحايا العسف في تلك المجتمعات والتأريخ لهم؟ وكيف نكتشف حيثيات التأويل في مثل هذه الحالات؟! إنه سؤال هام في بلدان عربية يقضي سكانها جزءاً كبيراً من حياتهم في التحضير لدورة انتخابية جديدة، بينما يمثل الأمر موتاً وتدميراً للتاريخ الوطني!
وفي مجال آخر للتأويل وتطبيقاته، نجد على الصعيد القرآني فكرة حاسمة وفي غاية الأهمية، ألا وهي ظهور حالة من الانضباط المنهجي الشديد والصارم لدى كتابة النص القرآني نفسه. وهنا يُطلّ علينا الكاتب المصري محمد طاهر بن عبدالقادر الكردي، الذي كتب بحثاً بعنوان «تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحُكمه» صدر في طبعته الثانية، عام 1953 بمصر. في هذا الكتاب يرد سؤال أساسي بالمعنيين التاريخي والمنهجي: لماذا نزل القرآن منجماً؟ أما الجواب، كما جاء في تفسير ابن كثير لسورة القدر: «قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا»، ثم نزل مُفصّلا بحسب الوقائع.
لكن الكردي يذكر أوجهاً أخرى، منها أن الله نزّل «القرآن منجّماً» ليقوي به قلب الرسول، فيعيه ويحفظه.. وأن حكمة الله تعالى اقتضت أن يكون في القرآن ما هو ناسخ وما هو منسوخ.. وأن في تفريقه رحمة بالعباد، إذ لو نزل عليهم دفعة واحدة لثقلت عليهم التكاليف.
وفيما يتصل بمسيرة ضبط النص القرآني، كان هناك تحسّب لحدوث إجماع بين القراء (الحفاظ)، وهو موقف عقلاني وديمقراطي للغاية، حيث تم الركون لرأي الأكثرية باعتبارها تمثل الحكمة والصحة، مما أغلق الباب أمام أي خلاف قد يُفضي إلى أقوال ضعيفة أو شاذة.
ذلك غيض من فيض، فالحدث الكبير في حينه (بل في كل حين)، ما يزال مفتوحاً للقراءة والتأويل، خصوصاً مع وجود فكرة الناسخ والمنسوخ، كتجسيد للتجدد الدائم.
وهكذا فإن حياة البشر والمجتمعات تأتي دائماً بحلول لمشكلاتها، حلول معرفية ومنهجية، ترفع من مستوى التطور الحضاري باستمرار! وهنا، يظهر التأويل كآلية عقلانية في الاستجابة للتحديات لاحتياجات المؤمنين وفي تطوير حياتهم الإنسانية.