تُعد السلامة المرورية من الأولويات الرئيسية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتبذل الجهات المعنية جهوداً متواصلة لتحقيق بيئة مرورية آمنة، بما يتماشى مع التطورات التقنية في مجالات المرور والمركبات والطرق، وذلك لتقليل الحوادث المرورية والحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين.
ويندرج ضمن هذه الجهود دخول المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة (2024) بشأن تنظيم السير والمرور حيز التنفيذ اعتباراً من 29 مارس الجاري، ويتضمن هذا المرسوم تعديلات جوهرية تهدف إلى تعزيز السلامة المرورية، وتنظيم حركة المركبات، وضمان الالتزام بمعايير القيادة الآمنة، وفق مجموعة من القواعد الصارمة.
وقد شمل القانون عدداً من الجوانب المهمة، ومنها تصنيف المركبات ووسائل النقل الشخصية وفق معايير محددة لضمان مطابقتها للمواصفات الفنية المطلوبة، وتنظيم رخص القيادة من حيث أنواعها، ومدتها، والفئات العمرية المؤهلة، والإجراءات اللازمة للحصول عليها، فضلاً عن شروط إصدار تصاريح تعلم القيادة وآلية تعليمها وفق معايير معتمدة من قبل سلطة الترخيص، إلى جانب تحديد ضوابط تأمين المركبات، بالإضافة إلى إجراءات فحص وترخيص المركبات بما في ذلك عمليات إعادة التسجيل، والتأكد من سلامتها الفنية والبيئية.
وفضلاً عن الصرامة القانونية لتحقيق الانضباط المروي، تتبع دولة الإمارات مجموعةً من الإجراءات والسياسات المتكاملة لتعزيز السلامة المروية، ومنها نشر الوعي وترسيخ الثقافة المرورية، حيث تُنظم وزارة الداخلية حملات توعية تهدف إلى تعزيز ثقافة القيادة الآمنة والحد من السرعة الزائدة، وتروّج لقيم مثل الالتزام بالسرعة المقررة، ويتم تنفيذ هذه الحملات في العديد من الأماكن مثل المدارس والجامعات وأماكن العمل وغيرها، ومنها كذلك تطوير البنية التحتية، حيث تستثمر الإمارات بشكل كبير في تطوير شبكة الطرق والبنية التحتية بشكل عام.
ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن دولة الإمارات حققت المركز الخامس عالمياً، والأول عربياً في جودة الطرق، والعاشر عالمياً والثاني عربياً في فعالية خدمات النقل العام، إضافة إلى المركز التاسع عالمياً والأول عربياً في فعالية خدمات الموانئ، وفقاً لتقرير مؤشر تنمية السياحة والسفر 2024، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يقيس مجموعة من العوامل والسياسات التي تسهم في بيئة مستدامة ومرنة لقطاع السفر والسياحة، وهو ما يعكس التطور الملحوظ في جهود الدولة لتعزيز بنيتها التحتية.
ويُعد توظيف التكنولوجيا في أنظمة النقل جزءاً أساسياً من الجهود المبذولة لترسيخ السلامة المرورية في دولة الإمارات، حيث يتم استخدام أنظمة مراقبة مرورية متطورة، تشمل كاميرات المراقبة المتصلة بنظام الذكاء الاصطناعي الذي يقوم بتحليل البيانات بشكل فوري واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفات المرورية مثل السرعة الزائدة أو استخدام الهاتف أثناء القيادة.
وعلى صعيد آخر، تسعى دولة الإمارات بشكل مستمر لتعزيز التعاون الدولي في مجال السلامة المرورية، حيث تتبادل الخبرات مع الدول الأخرى وتستفيد من أفضل الممارسات والتقنيات في هذا المجال. وتتعاون مع منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي للمرور وغيرها من الهيئات الدولية التي تسعى للحد من الحوادث المرورية في جميع أنحاء العالم. كما تشارك الإمارات في العديد من المؤتمرات الدولية التي تتعلق بالسلامة المرورية، سواء على مستوى الدول العربية أو على المستوى العالمي.
وثمة جانب مهم تنبغي الإشارة إليه عند الحديث عن قضية المرور وتعزيز السلامة المروية، يتمثل في حقيقة أن دولة الإمارات تُعد من أبرز الدول التي تضع الاستدامة على رأس اهتماماتها، بما في ذلك في مجال النقل، حيث يحظى التوجه نحو تقليل الانبعاثات الكربونية والتوسع في استخدام السيارات الكهربائية ووسائل النقل العام الصديقة للبيئة بأهمية استثنائية، وتبذل المؤسسات المعنية في الدولة الكثير من الجهود لتشجيع المواطنين والمقيمين على استخدام السيارات الكهربائية، مثل توفير المحطات العامة لشحن السيارات الكهربائية وتقديم إعفاءات من الرسوم لتشجيع الاعتماد على هذه المركبات.
ومما لا شك فيه أنه في ظل الجهود الدؤوبة التي تبذلها دولة الإمارات لتعزيز السلامة المرورية، فقد أصبحت مثالاً يُحتذى به في هذا الصدد على مستوى العالم، وتبدو أهمية هذه الجهود في تنوعها وشمولها على النحو الذي يخلق منظومة متكاملة لضمان الارتقاء المستمر بالقواعد المنظمة لحركة السير والمرور.