شهدت نيبال، وهي دولة مستقلة في جبال الهيمالايا، تمرداً دموياً استمر حوالي عقد من الزمن من عام 1996 إلى 2006، قُتل فيه أكثر من 17000 شخص. في ذلك الوقت، كانت البلاد مملكة، وكان يحكمها ملك. لكن النظام الملكي، الذي استمر هناك لمدة تقارب 240 عاماً، أطيح به في عام 2005 من خلال احتجاجات شعبية واسعة، حيث أصبح الملوك غير محبوبين للغاية في نهايتهم. ومن كونها مملكة هندوسية، تحولت نيبال إلى جمهورية فيدرالية علمانية.
بعد ثلاث سنوات، قامت جمعية منتخبة خصيصاً بإلغاء النظام الملكي في عام 2008 بموجب اتفاق أنهى التمرد طويل الأمد. ومنذ الإطاحة به، يعيش الملك الأخير «جيانيندرا» مع عائلته بالكامل بشكل خاص في العاصمة كاتماندو دون أي من الامتيازات الملكية. وكان جيانيندرا قد أصبح ملكاً بعد مقتل شقيقه الأكبر، الملك حينها «بيريندرا»، وجميع أفراد عائلته في مذبحة داخل القصر الملكي عام 2001.
لكن النظام السياسي الجديد في نيبال استغرق وقتاً للاستقرار، حيث شهدت البلاد تشكيل 13 حكومة منذ إلغاء النظام الملكي. وقد تزايدت الاحتجاجات على مر السنين وسط الإحباط من المشاحنات السياسية بين الأحزاب. ومع غياب الاستقرار السياسي، شهدت نيبال أيضاً مشاكل اقتصادية ومعيشية، مما زاد من تفاقم الإحباط. علاوة على ذلك، وُجهت اتهامات بالفساد المستشري في النظام، مما زاد من خيبة أمل المواطنين من الطبقة السياسية، وهو ما يحمل في طياته مخاطر إذا ما تم النظر إلى جميع الأحزاب السياسية من منظور واحد.
كل هذه العوامل وفّرت فرصة لأنصار الملكية، الذين استمروا في العمل في الخفاء وكانوا يبحثون عن فرصة للعودة. فمنذ الإطاحة بالملكية، ظلوا نشطين، يسعون إلى عودة النظام الملكي وحتى استعادة المملكة الهندوسية. وعندما بدأت الاحتجاجات تجذب حشوداً أكبر، تسلل أنصار الملكية بين المتظاهرين المدنيين سعياً لإعادة النظام الملكي. وفي نوفمبر، تجمع الآلاف لدعم الملك السابق جيانيندرا، مطالبين بإعادة الملكية، لكن تم منعهم من التوجه إلى وسط العاصمة. ووفقاً للتقارير، فقد قام متظاهرون مؤيدون للملكية يوم الجمعة الماضي برشق الحجارة وإشعال النار في المركبات في العاصمة كاتماندو، مما أسفر عن إصابة أكثر من 100 شخص، مع تسجيل وفيات أيضاً. وتم استدعاء الجيش للحفاظ على الأمن.
 تُعد نيبال دولة ذات أغلبية هندوسية لكنها دولة علمانية. في الآونة الأخيرة، ظهرت بعض العناصر اليمينية المتشددة التي تسعى إلى تحويل البلاد إلى مملكة هندوسية. وفي عام 1990، أُجبر الملك بيريندرا آنذاك على السماح بظهور الأحزاب السياسية، بعد أن أدى حراك مؤيد للديمقراطية إلى إجراء انتخابات. وتم تقليص سلطات الملك بيريندرا إلى مجرد منصب شرفي. ولكن بعد اغتياله، سعى خليفة الملك جيانيندرا إلى استعادة الملكية إلى ما كانت عليه قبل عام 1990، حيث كانت تتمتع بسلطة مطلقة.
ولكن الآن، فإن إعادة النظام الملكي ستتطلب تعديلاً دستورياً، مما يعني الحاجة إلى أغلبية برلمانية تبلغ الثلثين. وبينما تعارض جميع الأحزاب السياسية الكبرى عودة النظام الملكي، فإن الحزب «الوطني الديمقراطي»، الذي تأسّس في التسعينيات من قبل أصدقاء الملكية، هو الصوت السياسي الوحيد الداعي إلى عودة الملكية. وعلى الرغم من أن لديه فقط 14 مقعداً في البرلمان، إلا أنه يزيد نفوذه على الاحتجاجات التي تهزّ البلاد حالياً.
ولكن ماذا يعني كل هذا لنيبال؟ لن يكون من السهل على أنصار الملكية فرض إرادتهم. فقد صرح رئيس الوزراء «كيه بي شارما أولي» بأن نيبال لن تشهد عودة الملك، حيث إن دستور نيبال «لا يعترف بالملوك، ولا ينبغي لأحد أن يحلم بإعادة النظام الملكي». وبدلاً من ذلك، اقترح أن يترشح الملك السابق في الانتخابات البرلمانية القادمة عام 2027. 
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي