شهِدت جامعة خليفة في الأعوام القليلة الماضية تحولاً ملحوظاً في منظومتيها البحثية والأكاديمية، مدفوعة بالتزام راسخ برفع جودة البحوث، وتعزيز تأثيرها على الصعيدين المحلي والعالمي. ويكمُن جوهر هذا التحول في تحفيز أعضاء هيئة التدريس والباحثين على استهداف البحوث ذات الجودة العالية فقط، بما يتماشى مع أعلى المعايير الدولية.
وفي السابق، كما هي الحال في العديد من المؤسسات الأكاديمية، كان التركيز غالباً على عدد المنشورات البحثية من دون النظر العميق إلى مدى تأثيرها، أو جودتها؛ ولكن جامعة خليفة أدركت أهمية تغيير هذا النهج، فتبنَّت استراتيجيات جريئة تهدف إلى تحقيق التميز البحثي بإعطاء الأولوية للجودة بدلاً من الكم. ولم يقتصر هذا التغيير على تحديد أهداف جديدة للنشر، بل شمل أيضاً إعادة تعريف فلسفة البحث العلمي في الجامعة، وتطوير ثقافة يكون فيها الابتكار والعمل المؤثر هما الغاية المنشودة.
وارتكز هذا التحول على إدخال عمليات تقييم داخلية ممنهجة ودقيقة، وبرامج تطوير لأعضاء هيئة التدريس، ومبادرات تمويل بحثي موجهة، فضلاً عن تشجيع الباحثين على النشر في المجلات العلمية المصنفة ضمن أفضل 10 في المئة من المجلات من حيث الجودة والتأثير، والتعاون مع مؤسسات أكاديمية رائدة عالميّاً؛ كما أنشأت الجامعة برامج لتحفيز مَن يحققون نتائج بحثية ذات تأثير عالٍ، وتقديرهم؛ إضافة إلى عقد وُرش عمل، وبرامج إرشاد لتزويد الباحثين بالمهارات اللازمة للمنافسة على المستوى الدولي.
وقد أثمرت هذه الجهود نتائج ملموسة وواضحة؛ إذ سجلت الجامعة زيادة ملحوظة في عدد البحوث المنشورة في المجلات العلمية المرموقة؛ ما يعكس ارتقاء جودة الإنتاج البحثي، كما ارتفع كثيراً معدل الاستشهادات بالبحوث؛ ما يدل على تنامي أهمية هذه البحوث، وتأثيرها في الأوساط الأكاديمية والصناعية. ولم يقتصر هذا التأثير على الجانب الأكاديمي فقط، بل أسهم أيضاً في توطيد شراكات استراتيجية مع جهات صناعية كبرى، وزيادة فرص الحصول على تمويلات بحثية تنافسية، وتحقيق تقدم ملحوظ في التصنيفات الجامعية العالمية المرموقة.
وأحدث هذا التحول حالة من الاعتزاز والطموح بين أعضاء هيئة التدريس والباحثين، الذين باتوا يدركون أن البحث العلمي الحقيقي يتجاوز مجرد نشر المقالات، ليصبح أداة لحل المشكلات الواقعية، والإسهام في تقدم المعرفة، ودفع عجلة الابتكار لخدمة المجتمع.
إن رحلة جامعة خليفة نحو التميز البحثي تُبرِز قوة التغيير الثقافي في المؤسسات الأكاديمية. وعن طريق تحديد معايير عالية، وتوفير الدعم اللازم، والاحتفاء بالإنجازات المؤثرة؛ أوجدت الجامعة بيئة يُستهدَف فيها التميز بصفته قاعدةً لا استثناءً. وعلى الرغم من أن الرحلة لا تزال مستمرة؛ فإن ما تحقق حتى الآن هو دليل حي على ما يمكن إنجازه عندما تتحد الجهود لتحقيق رؤية مشتركة ترتكز على الجودة والتأثير والريادة العالمية.
*أستاذ في كلية الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا