حذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، من خطورة تطورات الحروب التجارية الأميركية، مؤكدة «إذا دخلنا في حرب تجارية حقيقية، حيث سيتم تقليص التجارة بشكل كبير، فستكون لذلك عواقب سلبية وخيمة، ليس فقط على النمو العالمي، بل أيضاً على الأسعار، في الولايات المتحدة، وعلى الاقتصاد الأميركي».
وحذّرت بدورها الغرفة التجارية الأميركية لدى الاتحاد الأوروبي من أن حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا، تعرض للخطر أعمالاً تجارية عبر الأطلسي بقيمة 9.5 تريليون دولار سنوياً. ولكن في الوقت نفسه، أوضحت لاغارد «أن هذه التوترات قد تخلق أيضاً فرصة إيجابية غير متوقعة، تتمثل في تحفيز الوحدة الأوروبية، وتكون بمثابة جرس إنذار لأوروبا، مما يسهم في إيقاظ طاقتها، وربما نكون على أعتاب لحظة أوروبية جديدة»، مشيرة بأن هذه «اليقظة الجماعية» لا تقتصر على أوروبا فحسب، بل تشمل أيضاً المملكة المتحدة، التي رغم مغادرتها الاتحاد الأوروبي، فهي تشارك في الجهود الأمنية الأوروبية.
لقد سبق للرئيس ترامب أن وعد الأميركيين بعصر «ذهبي جديد»، بعدما انتقد سلفه جو بايدن، الذي أورثه كما يقول «كارثة اقتصادية.. وكابوس التضخم». ولكن المحللين الأكثر تشككاً، بدؤوا يحذرون من أخطار «الركود الترامبي».
وفي هذا السياق، تبرز مخاوف التضخم المتوقع أن يرتفع إلى 2.8 في المئة، وفق البنك الفيدرالي، الذي ثبّت أسعار الفائدة بين 4.25 في المئة و4.5 في المئة، مع استمرار حالة عدم اليقين، بسبب الرسوم الجمركية، لكن ترامب استدرك متأخراً، وحضّ «الفيدرالي» على خفض الفائدة للحد من تداعيات الرسوم التي فرضها، والتي باتت تهدد بوضع الاقتصاد الأميركي على حافة الهاوية.
ووفق مؤشر مجلس الأعمال الأميركي، سجلت ثقة المستهلكين في فبراير الماضي أكبر انخفاض منذ أغسطس2021. وتشير مذكرة بحثية لوكالة «موديز» إلى «أن أنواع التغييرات التي تحدث في عهد ترامب غير مسبوقة، وفي حال استمرت الثقة بالانخفاض لمدة ثلاثة أشهر، فستنتهي اللعبة». في إشارة واضحة إلى خطورة «الركود» المرتقب.
وخلافاً لما شهدته ولاية ترامب الأولى عام 2018، من تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث لم تظهر نتائجها السلبية على الشركات، إلا بعد مرور عام واحد تقريباً، فإن السيناريو يتكرر في ولايته الثانية مبكراً وبتأثير أقوى، وقد انعكس ذلك تراجعاً في حركة الأسواق المالية. وكانت بداية الخسائر يوم 10 مارس الجاري، والذي أطلق عليه «الاثنين الأسود»، بعدما سجل «وول ستريت» هبوطاً حادّاً. وشهدت أسهم التكنولوجيا أكبر انخفاض يومي منذ عام 2022، في خسائر تجاوزت تريليون دولار بالقيمة السوقية لمؤشر «ناسداك 100»، وتكبدت شركة «تسلا» التابعة للملياردير «إيلون ماسك»، أكبر الخسائر إذ هوت أسهمها بنسبة 15 في المئة. وتراجعت ثروات الأغنياء، فخسر خمسة من أغنى أغنياء العالم (بينهم ماسك) نحو 209 مليارات دولار، بعد تنصيب ترامب. مع العلم أن ثروة ماسك كانت قد بلغت ذروتها 486 مليار دولار في 17 ديسمبر الماضي.
واللافت في هذا المجال، أن مستثمرين صينيين يضخون ملايين الدولارات في شركات الملياردير الأميركي (ماسك)، وهو أقرب مستشاري ترامب، ومسؤول عن إعادة هيكلة الحكومة الأميركية. ويستخدم هؤلاء الأثرياء الصينيون طرقاً استثمارية تخفي هوياتهم، لتفادي حساسية الاستثمارات الصينية في شركات أميركية للتكنولوجيا المتقدمة، قد تثير القلق في ظل التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، ولذلك فإن هذه الاستثمارات لا تخلو من الأخطار.
* كاتب لبناني متخصّص في الشؤون الاقتصادية.