شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدماً هائلاً في مختلف المجالات، واستطاعت أن تحتل مكانة عالمية في الابتكار والتكنولوجيا. واليوم، يمثل الاستثمار في العقول الإماراتية المتميزة ضرورة استراتيجية لتعزيز قوة الدولة في القطاع الدفاعي والتكنولوجي. إن إيجاد كليات متخصصة للمعرفة والبحث العلمي، وتطوير التعليم في مراحله المتقدمة ليتناسب مع متطلبات الحاضر والمستقبل، من خلال وضع مناهج خاصة للنوابغ من الطلبة، هو المفتاح الأساسي لصناعة جيل قادر على تطوير أنظمة البرامج الدفاعية والبرمجيات المتقدمة، بما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرات الوطنية في هذا المجال الحيوي.
من خلال التركيز على استقطاب العقول المتميزة وصقل مهاراتها عبر برامج أكاديمية متقدمة، يمكن للشباب الإماراتي أن يصبح القوة الدافعة وراء تطوير التكنولوجيا العسكرية والأنظمة الذكية. إن تأسيس مناهج دراسية متخصصة تهتم بتنمية مهارات البرمجة، الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، وهندسة الأنظمة الدفاعية، سيسهم في بناء قاعدة معرفية قوية تضمن استدامة التقدم في هذا القطاع. كما أن تمكين الشباب من خلال التدريب العملي داخل الشركات الوطنية وتعزيز الثقة في قدراتهم، سيدفعهم إلى الانضمام لهذه المؤسسات والمشاركة في مشاريع استراتيجية تجعل الإمارات من الدول الرائدة عالمياً في تطوير الأنظمة الدفاعية الحديثة.

شهدنا مؤخراً إسدال الستار على معرضي آيدكس للدفاع ونافدكس البحري، واللذين يعدان من أكبر المعارض الدفاعية في العالم، حيث ضم الحدث أكثر من 1560 شركة من 50 دولة. وقد كان الحضور الإماراتي بارزاً ومتميزاً، مما يعطينا الدافع الأكبر للعمل على أن يكون العلماء والمهندسون الإماراتيون حاضرين بقوة في هذه المنصات، ليس فقط من خلال الشركات الوطنية، بل أيضاً من خلال الكفاءات المواطنة التي تمتلك القدرة على تصميم وتطوير أحدث التقنيات الدفاعية. إن نجاح الشركات الإماراتية في هذه المعارض هو دليل على أن الإمارات تمتلك كل المقومات التي تؤهلها لتكون مركزاً عالمياً للبحث والتطوير في المجالات الدفاعية، وهذا يحتم علينا أن نركز على تأهيل شبابنا ليكونوا العمود الفقري لهذه الصناعات.
إن وجود بيئة تعليمية متخصصة، مدعومة بالبنية التحتية المتقدمة التي تمتلكها الدولة، سيمكّن المواهب الوطنية من تحقيق أقصى إمكاناتها والمساهمة الفعالة في تعزيز الأمن القومي والابتكار التقني. نحن على ثقة تامة بأن الإمارات تمتلك كوادر وطنية قادرة على تحقيق هذه الطموحات، وإذا تم اكتشاف هذه المواهب وصقلها بالشكل الصحيح، فسيكونون نواة المستقبل في الصناعات الدفاعية والبرمجية، وسيقودون الدولة نحو مرحلة جديدة من التقدم والاعتماد على الذات في المجالات الحيوية. هذا ليس مجرد حلم، بل رؤية واضحة يتم العمل على تحقيقها، ليكون شبابنا هم القوة الدافعة لنهضة صناعاتنا الدفاعية، وليؤكدوا للعالم أن الإمارات لا تكتفي فقط بشراء التكنولوجيا، بل تصنعها وتبتكرها، وتسير بخطى ثابتة نحو مستقبل يعتمد فيه أمنها ودفاعها على أبنائها وعقولهم المبدعة.

*لواء ركن طيار متقاعد