أصبحت التجربة التنموية لدولة الإمارات نموذجاً ملهماً تحاول احتذاءَه كثير من الدول في المنطقة والعالم، لما حققته من إنجازات حضارية على جميع الصعد وفي كافة المجالات، بفضل رؤى وجهود قيادتها الرشيدة. وهي تواصل تقدمها المطرد وتطورها الملهم منذ أن انطلقت مع قيام الاتحاد بخطوات واثقة على طريق النهضة والتنمية والبناء.

وطموحات الإمارات لا تحدها حدود وإنجازاتها لا تتوقف عند هدف، لذا فالعيد الوطني للاتحاد ليس مجرد ذكرى تمر لمدة يوم واحد في العام، بل واقع ملموس بشكل دائم، يتناغم مع طموحات المجتمع وتطلعات قيادته، حيث تتحول الأرض باستمرار إلى صروح وأبراج وناطحات سحاب في دولة عصرية تنعم بالازدهار والسعادة.

ومَن يعيش على أرض دولة الإمارات يعيش شعوراً متجدداً بأفكار ملهمة مع كل يوم جديد تسطر فيه إنجازاتها المتواصلة بحروف مضيئة على جبين الإنسانية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. لقد لمستُ من خلال إقامتي الطويلة في دولة الإمارات إنجازاتِها التنمويةَ المتواصلةَ في مختلف المجالات، دون توقف، إذ ما أن تتحول بناظريك من مكان إلى آخر حتى تقع على مشهد مبهر من مشاهد الإعمار. سترى العاصمةَ أبوظبي وهي تعيد التاريخ من جديد بجمالها الرائع ذي الروح الأصيلة، حيث تتعانق فيها المساحات الخضراء الشاسعة والحدائق المتعددة مع الشوارع العريضة المزينة بالأشجار على جنباتها، لتجمع في تكوينها الفريد بين الجمال العربي التقليدي والنمط العالمي من الحداثة والإعمار.

وسترى دبي، المدينةَ التي يتجلى فيها تناغم الإبداع الهندسي والعناية بالتفاصيل والقيمة الجمالية الاستثنائية، حيث يوجد برج خليفة الذي يقف شامخاً كأعلى برج في العالم. لقد ارتقت الدولة الفتية إلى مكانة متقدمة ومركز مرموق بين أفضل الدول العصرية في العالم، بما حققته من منجزات تنموية نوعية في شتى المجالات وبما تميزت به من حضور دبلوماسي واقتصادي وإنساني قوي على الصعيدين الإقليمي والدولي، ومِن تحرك ديناميكي نشط في التواصل مع جميع الدول في كافة قارات العالم، حتى أصبحت صاحبة موقف مؤثر في المعادلة الدولية. إن نجاح دولة الإمارات في بناء جسور متينة من التعاون الوثيق والشراكات الاستراتيجية عزز مركزَها الريادي في المنطقة والعالَم.

لقد أنجزت الإمارات على المستوى المحلي معدلات عالية من التنمية المستدامة، وحققت الأمن والاستقرار والسعادة والرضا والرفاهية والتسامح لمواطنيها، وتبوأت على الصعيدين الإقليمي والدولي مكانةً مرموقة في خارطة أكثر الدول تقدماً وازدهاراً وأمناً وسعادة.. بحلولها في المراكز الأولى ضمن تقارير التنافسية العالمية، متقدمةً على دول صناعية مهمة في العديد من المؤشرات العالمية. لقد اعتمدت دولة الإمارات استراتيجياتٍ تنمويةً طموحةً ترتكز على اقتصاد المعرفة والابتكار والإبداع والتنويع الاقتصادي، بارتيادها علوم الفضاء وإنشاء وكالة الإمارات للفضاء.

كما بدأت خلال السنوات الأخيرة تنفيذَ مشاريع اقتصادية استراتيجية تتميز باستخدام تقنيات عالية الابتكار، خاصة في مجالات تصنيع وإطلاق الأقمار الاصطناعية، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة النظيفة، وتكنولوجيا صناعة الطيران، علاوة على تفوقها عالمياً في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

لقد انطلقت مرحلة البناء السريعة لنهضة الإمارات مع قيام اتحادها ضمن ملحمة أشبه بالمعجزة قادها بكل حكمة وتفانٍ وإخلاصٍ مؤسسُ الدولة وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي نذر نفسَه وسخَّر كل الإمكانيات لتحقيق نهضة البلاد وتقدمها ومن أجل توفير الحياة الكريمة للمواطنين والمقيمين فيها، بتعاون صادق وعزيمة قوية من إخوانه المؤسسين أعضاء المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات، وبالتفاف حميم وتلاحم صادق من المواطنين الذين ساروا جميعاً خلف قيادته الحكيمة.

في يوم الثاني من شهر ديسمبر عام 1971، بدأت حقبة جديدة من تاريخ المنطقة، ستشهد خلالها الإماراتُ تنفيذَ خطط عاجلة وبرامج تنموية طموحة طالت كلَّ مناحي الحياة ومجالاتها، تمثلت في مئات مشاريع البنية التحية والخدمات الأساسية، من كهرباء ومياه وطرق ومستشفيات ومطارات وموانئ ومدارس وجامعات وشبكات اتصالات ومشاريع عمرانية وإسكانية.. وغيرها من مشاريع كانت بمثابة لبنات قوية في مسيرة التقدم والازدهار التي عمّت كل أرجاء الدولة. وخلال 53 عاماً من الإنجازات التنموية الناجحة والمذهلة، سعت الإمارات بشكل واضح ودؤوب لتعزيز مختلف برامج مساعداتها الإنسانية الخيرية، الكريمة والضخمة، مما جعلها في مقدمة الدول المساهِمة في العمل الإنساني عالمياً.

*كاتب سعودي