في مارس 2024، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 نوفمبر بوصفه اليوم الدولي لمنع ومكافحة جميع أشكال الجريمة المنظمة عبر الوطنية، لإذكاء الوعي بالتهديدات التي تشكلها جميع أشكال الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ولتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. ويمثل الاحتفال بهذه المناسبة فرصة لتسليط الضوء على جهود دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا تدخر جهداً في سبيل مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ومكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي باتت كلها جرائم عابرة للحدود والقارات، وتمثّل خطراً على الجميع، وتشمل هذه الجهود العمل على المستويين الداخلي والخارجي.

فعلى الصعيد الداخلي، قامت دولة الإمارات بسن عدد من القوانين، بما في ذلك القانون الاتحادي رقم 51 لعام 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر وتعديلاته، وإنشاء محاكم متخصصة للنظر في جرائم غسل الأموال، بالإضافة إلى إنشاء المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال الذي انبثقت منه اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب والتنظيمات غير المشروعة وفقًا لمعايير مجموعة العمل المالي «فاتف». وفي سياق الجهود المبذولة على الصعيد الداخلي كذلك، تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً لتطوير قدرات الكوادر الوطنية العاملة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، وقد نفذت وزارة الداخلية أكثر من 257 برنامجاً للتوعية في هذا الشأن، ما يعزز قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية المتجددة.

أما على الصعيد الخارجي، فإن دولة الإمارات تعمل بشكل متواصل لتفعيل التعاون الدولي في هذا المجال، ولدى الدولة تعاون ثنائي واسع مع عدد من الدول الأخرى، للإسهام بفاعلية في الكشف عن تلك الجرائم والحد من آثارها، وحماية سلامة النظام المالي العالمي، وقد وقعت الإمارات اتفاقيات ثنائية مع 31 دولة بشأن تسليم المجرمين والمساعدات القضائية في المسائل الجنائية ونقل المحكوم عليهم. ويشار في هذا السياق كذلك إلى انضمام الإمارات إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ومن المؤشرات التي تؤكد الدور المهم لدولة الإمارات في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة جميع أشكال الجريمة المنظمة عبر الوطنية، حرصها على توطيد علاقات التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية.

وقد شاركت وزارة الداخلية بدولة الإمارات في ثلاث عمليات دولية مهمة خلال عامي 2021 و2022 لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، منها عملية «ليبر تيرا» الدولية بالتعاون مع الإنتربول، وبمشاركة 47 دولة، وأدت هذه العملية إلى إلقاء القبض على 286 شخصاً، وإنقاذ 430 من ضحايا الاتجار بالبشر، إلى جانب تخليص 4000 من المهاجرين غير الشرعيين في (74) دولة حول العالم.

وتؤدي دولة الإمارات دوراً محورياً في التحالف الأمني الدولي، الذي تأسس في فبراير 2017، ويهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، من خلال تبادل المعلومات والخبرات بين الدول الأعضاء، وتنفيذ عمليات مشتركة، وقد أثمرت جهود التحالف عن الكثير من النجاحات الملموسة، من بينها العملية الدولية الواسعة التي أسفرت عن ضبط ما يزيد على 55 طناً من المخدرات بقيمة لا تقل عن 750 مليون دولار أميركي واعتقال 597 مشتبهاً به في عدد من البلدان المختلفة، وكان ذلك خلال عام 2023.

وتشدد دولة الإمارات باستمرار على أهمية الالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة، وفي مقدمة هذه الاتفاقيات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية المشار إليها، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والاتفاقية الدولية لمنع تمويل الإرهاب، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

إن جهود دولة الإمارات في مجال مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تؤكد التزامها الراسخ بتعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، وسوف تستمر الدولة في تكثيف جهودها على المستويات كافة لمواجهة هذا التحدي الكبير، مع التركيز على تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع الشركاء حول العالم، بما يرسخ مكانتها بوصفها نموذجاً يحتذى به في مجال مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.