التعليم هو المرتكز الأهم في التنمية المستدامة، وبناء مجتمع متحضر ومتناغم مع روح العصر وتطورات المعرفة والتكنولوجيا، ولذا لا بدَّ أن يتمتع بمرونة كافية، ورؤية مستقبلية واسعة، لكي يواكب التسارع في المعرفة والتكنولوجيا اللتين تتطوران كل يوم.
وعلى امتداد الأعوام الخمسين الماضية شهد التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة تطورات واسعة، منها إنشاء مؤسسات تعليمية جامعية متقدمة، فعند قيام الاتحاد لم يكن عدد الطلاب كبيراً، ولم تكن توجَد في الدولة جامعات، وكان لزاماً على مَن يريد الالتحاق بالجامعة لاستكمال تعليمه السفر إلى بعض الدول العربية، أو الأوروبية. أمَّا الآن، فيبلغ عدد المؤسسات الجامعية العاملة في الدولة 77 مؤسسة تشمل الجامعات الحكومية والخاصة، مثل جامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة زايد، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. وتحتل الجامعات الإماراتية مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية.
وتُعَدُّ دولة الإمارات إحدى الدول الرائدة في مجال التعليم بالمنطقة العربية، وتفخر بتاريخ عريق من التطورات الهائلة في هذا القطاع. وكان التعليم مرتكزاً رئيسيّاً في رؤية القيادة الإماراتية لمستقبل الدولة، إيماناً منها بأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في بناء المواطن الإماراتي، وهو الثروة الحقيقية لهذا الوطن، كما أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة - حفظه الله - في أكثر من مرة، ولذلك حصل التعليم على اهتمام كبير من القيادة، وكان ولا يزال هناك حرص على تطويره وتحديثه باستمرار لمواكبة التطورات العلمية، والمعرفية، والإنسانية.

 

 وتهدف السياسات التعليمية في دولة الإمارات إلى تعزيز الابتكار والإبداع، وتنمية مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب، ولذلك صُممت المناهج التعليمية بحيث تكون شاملة ومتوازنة، وتجمع بين العلوم الإنسانية، والعلوم الطبيعية، والتكنولوجيا، والرياضيات، والفنون، ليكون هناك تناغم بين البناء الأخلاقي المستند إلى ترسيخ قيم التسامح، والتعاون، والاحترام، والمواطنة الإيجابية، في نفوس الطلاب، والبناء الروحي، عن طريق التركيز على القيم الإنسانية الراسخة والمتوارَثة عبر تاريخ عميق من الموروث الإنساني الإماراتي، والبناء العقلي عبر دعم مهارات التفكير النقدي، والعمل الجماعي، وحل المشكلات، والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في العالم. كما أن دولة الإمارات تحرص على توفير التعليم للجميع، ما يعكس التزامها بتحقيق مبدأ التعليم الشامل والمتكافئ.

وتشمل جهودها في هذا السياق دعم الطلاب من جميع الفئات، ومنهم الطلاب أصحاب الهمم، عن طريق تقديم خدمات تعليمية مخصصة إليهم، وتأمين الموارد اللازمة لضمان اندماجهم الكامل في النظام التعليمي. وإضافةً إلى ذلك توفِّر الحكومة الإماراتية برامج مِنح دراسية لدعم الطلاب المتفوقين، وأصحاب المهارات الخاصة، ما يسهم في تشجيعهم على تحقيق أعلى مستويات الأداء الأكاديمي. وعلى الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها قطاع التعليم في دولة الإمارات، فإن النظام التعليمي يواجه تحديات مستمرة، من أبرزها الحاجة الدائمة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وتحديث المناهج التعليمية باستمرار، تلبيةً لاحتياجات سوق العمل المتغيرة. وإضافةً إلى ذلك يمثل تعزيز جودة التعليم ضمان توفيره بكفاءة عالية. وفي المجمل يُعدُّ التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً يُحتذى به في المنطقة، ويعكس التزامها بتطوير رأس المال البشري بصفته عنصراً أساسيّاً في تحقيق التنمية المستدامة، والازدهار الاقتصادي.

ومن خلال التركيز على الجودة، والابتكار، والتكنولوجيا، والتعليم الشامل، تسعى دولة الإمارات إلى بناء مستقبل مشرق لأجيالها المقبلة، مستفيدة من التقدم العلمي والتكنولوجي لتحقيق رؤيتها الطموحة.

*باحثة إماراتية في الأمن الاجتماعي والثقافي، أستاذ زائر بكليات التقنية العليا للطالبات، أستاذ زائر بجامعة الإمارات العربية المتحدة.