في مناظرة يوم الثلاثاء مع دونالد ترامب، أكدت كامالا هاريس على خلفيتها الطبقية الوسطى، وإعجابها بأصحاب المشاريع الصغيرة وخططها من أجل «اقتصاد الفرص». ووعدت بتقديم إعفاءات ضريبية للأسر الشابة وبدعمٍ لمشتري المنازل لأول مرة. لكن تلك المحاولات لوضع تفاصيل على أسس خطتها الاقتصادية لن تكون كافية للفوز بالانتخابات الرئاسية.
في أحدث استطلاع لصحيفة «تايمز/سيينا»، تخلفت هاريس عن ترامب بفارق 13 نقطة في الاقتصاد، وهو القضية الأكثر أهميةً بالنسبة للناخبين. ولهذا السبب، فهي ببساطة متساوية مع ترامب في السباق بشكل عام، وليس قادرة على سحقه.
إن الكلمات المتفائلة وبعض الاقتراحات المثيرة للإعجاب ليست كافية للتغلب على الاستياء والغضب الذي يشعر به غالبية الأميركيين بشأن الاقتصاد. ويجب على هاريس أن تتحدث مباشرة عن هذه التجربة وتقدم برنامجاً اقتصادياً قوياً ومتسقاً من أجل اقتصاد أكثر حرية وعدالة.
لكن في الواقع، لم تعثر هاريس بعد على موطئ قدم لها في الاقتصاد بين العبارات العامة مثل «اقتصاد الفرص» وبعض النقاط السياسية. فقد بدت شبه شعبوية في نورث كارولينا في أغسطس، حيث مزجت الحديث عن «كرامة» امتلاك المسكن مع التنديد بأسعار الأدوية المرتفعة والدعوات لإلغاء الديون الطبية. وبعد بضعة أسابيع، في نيو هامبشاير، بدت أكثر شبهاً بالمرشح الرئاسي «الجمهوري» السابق ميت رومني، حيث وعدت بالحفاظ على الضرائب على دخل الاستثمار أقل بكثير من المقترحات الأخيرة للرئيس بايدن.
تحتاج السيدة هاريس إلى تقديم رسالة اقتصادية أوضح، رسالة قادرة على بناء تحالف كبير بما يكفي للفوز في نوفمبر وكسر الجمود السياسي. وهناك طريقة لتحقيق ذلك، وهي بالفعل تقترب منها.
لقد عمل «الديمقراطيون» على جعل الحرية موضوع هذه الحملة. واستخدمت هاريس كلمة «الحرية» أو «الحريات» 12 مرة في خطاب قبولها في المؤتمر الوطني الديمقراطي، داعيةً إلى حرية الإنجاب، والحرية من عنف الأسلحة، وحرية الحب والزواج والحرية من التلوث.. وعندما سردت قائمةَ «ما ندافع عنه»، جاءت الحرية في المقام الأول. وتكمن قوة هذا الموضوع في واقعيته. فالحرية الإنجابية، على حد تعبير هاريس، تتعلق بإنقاذ امرأة من الإجهاض في موقف للسيارات لأنها لا تستطيع الحصول على إجهاض. وبالنسبة لرفيقها في الحملة، تيم والز، فإن السيطرة على الأسلحة تعني حماية طفلك من الإصابة بالرصاص في قاعة المدرسة. الحرية هي الأمان الذي يحافظ علينا حتى نتمكن من عيش حياتنا.
والواقع أن الناخبين يخشون العنف وحظر الإجهاض وفقدان الحق في التصويت.. وهم يشعرون بنفس الشعور تجاه الاقتصاد. وقد قال ما يقرب من 70% من سكان خمس ولايات متأرجحة، لخبراء استطلاعات الرأي في مايو الماضي، إن نظامنا السياسي والاقتصادي يحتاج إلى تغييرات كبرى أو ينبغي هدمه بالكامل، وقالت نفس النسبة تقريباً، إن الاقتصاد مزور لصالح الأغنياء والأقوياء.
تلك الأرقام متجذرة في واقع قاتم: فالناس يشعرون بالعجز، وبأن الاحتكارات تستغلهم في كل شيء، من خدمات الهاتف إلى تذاكر الحفلات الموسيقية. لا يمكنهم التقدم في اقتصاد تراجعت فيه الأجور الحقيقية مقارنةً بالاستثمارات التي يمتلكها الأثرياء، والتي ارتفعت قيمتها بشكل كبير. إنهم يرون ثرواتٍ كبيرةً تُجمع من الأدوية والمنصات المسببة للإدمان، وقراصنة المالية العالية يتم إنقاذهم عند اقتراب الإفلاس. نحن على حق في الاعتقاد بأننا نستحق الأفضل.
عندما يشعر ما يقرب من 70% من سكان البلاد بالخيانة من قبل الاقتصاد، فإن الحزب الذي يتحدث عن هذا الإحباط لديه ميزة مدمجة. مقارنةً بجمهوريي ترامب، يظل الديمقراطيون الحزب الذي يحمي النظام ويجعله يعمل. وقد احتشد العديد من قادة الشركات وعمالقة وول ستريت حول هاريس، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البعض يخشون تقلبات ترامب وتكتيكاته المناهضة للدستور، ولكن أيضاً لأنهم يرونها كمرشحة للاستقرار، وزعيمة حزب لن يهز القارب.
وعكست إدارة بايدن عقوداً من السياسة الاقتصادية الخاطئة من خلال مهاجمة تركيز الشركات والاستثمار في الصناعات والبنية التحتية المحلية والحفاظ على وتعديل التعريفات الجمركية في عهد ترامب على السلع الصينية في المناطق الاستراتيجية. ولكن جزئياً بسبب القيود التي يعاني منها بايدن كشخص قادر على التواصل، لم يكن لدى إدارته قط رواية متماسكة حول ما كانت تفعله. وقد ملأ التضخم، الذي يراه الجميع كل يوم، الفراغ وأصبح القصة الاقتصادية.
يمكن لهاريس أن تروي قصة أقوى بكثير حول الحرية والاقتصاد. أي شخص يعمل في وول مارت أو أمازون يعلم أنه عندما يكون هناك لاعب واحد فقط في السوق، لا يمكنك الاعتراض على ساعات العمل التي تبعدك عن عائلتك. يحاول الديمقراطيون منع رؤساء الشركات من تحويل أنفسهم إلى سادة إقطاعيين، وهذا ما تدور حوله مبادراتهم لمكافحة الاحتكار، ولهذا تدعم هاريس جعل عضوية النقابات أكثر سهولة.
نادراً ما يركز الديمقراطيون على هذه المواضيع خلال الحملة الانتخابية، لكن عندما يفعلون ذلك فإنهم ينجحون. ويزعم السيناتور شيرود براون أن دعم «كرامة العمل» يعني تعزيز عضوية النقابات، والتصدي لتصدير الوظائف وتنظيم وول ستريت. وقد اقترح تشريعاً لحظر التحكيم الإلزامي، الذي يقيد العمال والمستهلكين في محاكم خاصة تمولها نفس الشركات التي يريدون تحديها، ومنع المطورين العقاريين من التواطؤ لرفع الأسعار.
إذا عرض الديمقراطيون سياساتهم الاقتصادية، ليس كأولويات فردية بل كجزء من حملة أوسع نطاقاً من أجل الحرية الاقتصادية، فإنهم سيقولون للأميركيين: أنتم تستحقون الحرية في عيش حياة جيدة. لا أحد يستطيع استغلالكم ليصبحوا أثرياء. إذا كنت تنشأ في غرب فرجينيا أو في المناطق الريفية في كارولينا الشمالية، فيجب أن تكون قادراً على العثور على وظيفة جيدة حيث أنت ولا تضطر إلى المغادرة بحثاً عن عمل. عندما يكون لديك أطفال، فإن الإعفاء الضريبي الكبير سيساعدك على اتخاذ القرار بنفسك بشأن ما إذا كنت ستعمل أم تبقى في المنزل. تتضمن الحرية الإنجابية فرصة تربية أسرة دون ضغوط اقتصادية خانقة.
وإذا لم يقدم الديمقراطيون رؤيةً للتصدي للغضب الاقتصادي، فإن الجمهوريين سيكونون سعداء بالاستمرار في الهيمنة على القضية التي تهم الناخبين أكثر. وعلى الرغم من أن الديمقراطيين يرون أن ترامب «رئيس فوضوي»، فإن العديد من المؤيدين يرونه المدافع الحقيقي عن الأمان الاقتصادي، والوظائف اللائقة، وعالم آمن ومنظم.
يتعين على هاريس أن تؤكد أن الحرية الاقتصادية، مثلها كمثل الحقوق الأخرى، تحمي ما نقدره أكثر من غيره ضد أولئك الذين يسعون إلى انتزاعها منا. ويتعين عليها أن تثبت أن حزبها سيقاتل من أجل العمال والأُسر، حتى على حساب إثارة غضب المانحين وتكوين أعداء في مجالس الإدارة. والواقع أن الديمقراطيين هم حزب النظام هذا العام، وإذا لم يثبتوا أن النظام قادر على التغيير الجذري، فستنتقل الميزة إلى أولئك الذين يعدون بكسر النظام.
جيديديا بريتون-بوردي
أستاذة في كلية الحقوق بجامعة ديوك
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»