في إطار سعيها إلى تعزيز جودة التعليم العالي، أطلقت وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات «الإطار الوطني لتصنيف مؤسَّسات التعليم العالي»، والذي اعتمده مجلس الوزراء، في خطوة جديدة تدعم جهود الوزارة لترسيخ مكانة الدولة باعتبارها مركزاً عالمياً مرموقاً للتعليم العالي ووجهة تعليمية جذّابة للطلبة الجامعيين والأساتذة الأكاديميين. بموجب هذا النظام الجديد، سيتم تصنيف مؤسَّسات التعليم العالي في الدولة والمرخَّصة من قِبَل الوزارة بناء على معايير واضحة وشفافة، من خلال توفير رؤية شاملة ومتكاملة تسمح بتقييم أداء هذه المؤسَّسات بناءً على محاور تم تحديدها مسبقاً بما يتماشى مع الأولويات الوطنية للدولة، ويسمح في الوقت ذاته لتلك المؤسَّسات بتعزيز تنافُسيَّتها وتطوير أدائها لاستقطاب الطلبة من أنحاء العالم كافة من خلال توفير تقييم متكامل يستند إلى معايير عادلة وشفافة وقابلة للقياس. يُوفِّر الإطار أداة فعالة ومعطياتٍ واضحةً لأولياء الأمور تساعدهم على اتخاذ قراراتٍ مستنيرة عند اختيار مؤسَّسات التعليم العالي، كما يُعطي فرصةً لمساعدة الطلبة على تحديد الجامعات التي يرغبون في الالتحاق بها وفقاً لما يتناسب مع ميولهم لمتابعة تحصيلهم الأكاديمي، وبما يتماشى مع اهتماماتهم وأهدافهم الأكاديمية والمهنية.

كما يُوفِّر الإطار لمؤسَّسات التعليم العالي في الدولة قواعد واضحة يتم من خلالها تقييم الأداء وتحديد مجالات التحسين، بما يُعزِّز جودة مخرجات هذه المؤسَّسات وقدرتها التنافُسية، ويُمكِّنُها من وضع استراتيجيات وخططٍ تطويرية تُعزِّز قدرتها على استقطاب الطلبة وأفضل الكفاءات التدريسية، وترتقي بمجالات البحث العلمي والتعاون الدولي الأكاديمي لدى هذه المؤسَّسات. وفي الواقع، فإن المبادرة تأتي في إطار الجهود المستمرة للإمارات لتحسين جودة التعليم العالي، وتعزيز تنافُسية مؤسَّسات التعليم العالي الوطنية على المستوى العالمي، كما تعكس هذه الخطوة التزام الإمارات بتوفير أفضل الظروف الممكنة لنجاح وتطور مؤسَّساتها التعليمية، بما يضمن تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتلبية احتياجات سوق العمل المستقبلية.

ومما لا شك فيه أن هذه الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات لتطوير التعليم الجامعي، تؤكِّد اعتزامَها تحقيق الإنجازات المتوازية في المجالات كافّة، بما يُمكّنُها من ترسيخ مكانة رائدة في التعليم العالي، من خلال البناء على إرثها الثقافي الثَّري والاستفادة من مواردها البشرية والعلمية، ومن بينها البنية الرقمية المتطورة التي تُسهم في تأسيس عالم من الفرص الفريدة والانطلاق بمسيرة علمية متمكِّنة تُشكّل نقلة نوعية في تجربتها التعليمية.

وتجدر الإشارة إلى أن الإطار الوطني لتصنيف مؤسَّسات التعليم العالي قد تم تطويره على مدار 6 سنوات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، حيث أجرت فرق عمل الوزارة خلال هذه الفترة مقارنات معيارية مع برامج تقييم الجامعات المعتمدة عالمياً، والتنسيق مع الجهات المحلية المعنية، بما في ذلك مؤسَّسات التعليم العالي بطبيعة الحال، وعملت على ضمان انسجام محاور هذا الإطار مع الرؤية والأولويات الوطنية، كما تم إجراء دورتَين تجريبيَّتين للإطار بالتنسيق مع مؤسَّسات التعليم العالي، بهدف ضمان مرونته، ووضوح وحيادية معاييره، ليتم بعد ذلك اعتماده وتصنيف مؤسَّسات التعليم العالي وفق المحاور الرئيسة المعتمدة، على أن يتم الإعلان عن نتائج التصنيف الوطني لمؤسَّسات التعليم العالي في الدولة بشكلٍ سنوي بداية من العام الحالي.

لقد كان الاهتمام بالتعليم في صدارة أولويات الدولة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، إيماناً بأن التعليم هو الركيزة الأهم لمستقبل أكثر استدامةً وإشراقاً، يُحقِّق أهداف التنمية ويصبُّ في مصلحة الأجيال المقبلة. ويأتي الإطار الوطني لتصنيف مؤسسات التعليم العالي، ليتوافق ومساعي دولة الإمارات لتعزيز مكانتها قِبلة عالمية في الالتزام بالمعايير الأكاديمية العالية، وسعْيها المستمر لتحقيق التميُّز في قطاع التعليم، وبما ينسجم مع هدف تحسين أداء المؤسسات التعليمية وضمان تحقيق نقلات نوعية مستمرة فيها، كما يمثل إضافة مهمة إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لرفد سوق العمل بالمخرجات المطلوبة لترسيخ عملية التنمية المستدامة وتحقيق طموحاتنا الوطنية الكبرى.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.