حوار المنامة منذ التأسيس في 2010، منصة حضارية راقية، تفتح آفاقاً واعية للقضايا المستجدة في العالم. ملتقى الأفكار وبنك للآراء المختلفة، بل والمتضاربة أحياناً، والبعيدة في بعضها عن السياسات الرسمية للدول والمؤسسات والمراكز المشاركة في هذا المحفل السنوي الفريد.
دورة 2023 من «حوار المنامة» سلطت الضوء على تفاصيل غزة المكلومة، وذلك على الهواء مباشرةً أمام عالم بدا لا يكترث كثيراً لمآلات ما يدور في هذه المنطقة. ولكن لغزة في الخليج حاضنة فكراً وإنسانية، بلا مزايدات جانبية أو مجاملات هامشية.
نمضي في جولة سريعة عبر كلمات المشاركين، نبدأها بالمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، الذي ركز على النقاط التالية:
إطلاق سراح المخطوفين هو طريق لوقف القتال في غزة.
يجب ألا يكون هناك تهجير للفلسطينيين من غزة، أو تقليص لمساحة القطاع.
الضفة الغربية وقطاع غزة يجب أن تكونا تحت سلطة حوكمة موحدة.
نقول هذه النقاط جوهرية في المعركة الدائرة، ولأميركا الدور الأكبر للضغط على إسرائيل لوقف المجازر التي تندى لها جبين الإنسانية.
ولم يبتعد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في كلمته كثيراً عن المبعوث الأميركي، فقد أشار إلى أن: السلطة الفلسطينية هي الوحيدة التي يمكن أن تحكم قطاع غزة بعد الحرب، وهي في رام الله، أكدت لي استعدادها لإدارة غزة.
نرفض تقليص مساحة قطاع غزة أو فصله عن الضفة الغربية، والحديث عن حل الدولتين من دون خطوات عملية أمر غير مفيد..
أعتقد بأن هذا الخط في الطرح الواقعي، بحاجة إلى شيء من استعجال قيام الدولة الفلسطينية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بذلك، ويفترض بأن أكثر من سبعة عقود من المماطلة الاسرائيلية، والاستمرار فيها، ستعيد الصراع إلى نقطة الصفر.
أما كلمة وزير خارجية مملكة البحرين، فقد أخذت بعداً آخر لما يحدث في غزة، البعد الاستراتيجي كان له وقعه في الحوار حيث ذكر بأنه: من أجل النجاح في خوض غمار التنافس العالمي لا بد من وجود رؤية طويلة لمنطقتنا، فالتحديات في الشرق الأوسط متجذرة ومعقدة ولا بد من معالجتها.
لأن عدم احترام القانون الدولي سيؤدي لتلاشي النظام الدولي القائم على القواعد، الفظائع التي تسبب فيها النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي لا نزال نعايشها.
وكانت للإمارات كذلك كلمة مفصلية ألقاها معالي الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، خلال رده على أسئلة الحضور في القمة، أشار خلالها إلى أن: سياسة دولتنا الخارجية بشأن القضية الفلسطينية ليست بمعزل عن الحلفاء في المنطقة. وتصريحات نتنياهو وهرتسوغ حول احتمال وجود إسرائيلي على المدى الطويل في غزة مثيرة للقلق.
سياسة احتواء القضية الفلسطينية فشلت بشكل واضح، وما تشهده منطقتنا في الوقت الراهن يدعونا إلى الحذر. نتفهم التعاطف الألماني مع إسرائيل ولكننا نحتاج إلى تعاطف مع غزة.
ننهي هذا الحوار الراقي، بكلمة وزير خارجية المملكة الأردنية الذي أشار خلالها إلى أنه: لا شيء يمكنه تبرير الحرب في غزة، وهي لا تحقق الأمن لإسرائيل ولن نسمح أبداً بتهجير الفلسطينيين وسنفعل كل ما يلزم للحيلولة دون ذلك. منع دخول الغذاء والدواء والوقود لغزة يُعد «جريمة حرب» وحرب إسرائيل ضد غزة تجاوزت حدود الدفاع عن النفس.
*كاتب إماراتي