يندرج الاتصال الهاتفي بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الأميركي جو بايدن، ضمن سلسلة متصلة من الجهود التي تبذلها دولة الإمارات على صُعُد مختلفة منذ اندلاع الأحداث المأساوية الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، لتجنُّب اتساع رقعة الصراع، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تداعيات سلبية قد تمتد تداعياتها على مستوى الإقليم، ما يعني المزيد من الفوضى والاضطراب.
وتعكس المواقف التي اتخذتها دولة الإمارات من هذه التطورات المتسارعة موقفها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقه المشروع في تأسيس دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وهو ما يستلزم إنهاء جولة المواجهات الحالية في أسرع وقت، لإفساح المجال لتسوية سياسية شاملة ترسي السلام العادل والدائم، وتعالج جذور الصراع، وتحقق الاستقرار الذي حُرمت منه المنطقة طويلًا.
وتنطلق دعوات دولة الإمارات العاجلة، وعبر كافة القنوات، إلى إيقاف نزيف الدماء المتواصل وكسر دائرة العنف المستعرة، باعتبار ذلك من أسس وأولويات التحركات الإماراتية خلال هذه المرحلة الدقيقة. وترى الدولة أن حماية المدنيين والحفاظ على أرواحهم من كلا الجانبين، هي الموضوع الرئيسي لسلسلة الاتصالات التي أجراها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وكذلك التحركات المكثفة من جانب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، واتصالاته بالعديد من نظرائه في دول العالم لفتح آفاق لإيجاد تسوية لهذا الصراع.
وقد جاء أمر صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بتقديم مساعدات عاجلة إلى الأشقاء الفلسطينيين بمبلغ 20 مليون دولار، وذلك من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ليؤكد مجدَّدًا الموقف التاريخي الراسخ لدولة الإمارات في دعم الشعب الفلسطيني، واستثمار مكانتها الدولية والاحترام الذي تحظى به عالميًّا، من أجل إغاثة الشعب الفلسطيني في أصعب الظروف التي يمر بها.
وتشير تحركات الدولة منذ اندلاع الأزمة إلى حرصها على حشد الجهود الإقليمية والدولية، انطلاقًا من إدراكها التام أن هذا الصراع الممتد في منطقة الشرق الأوسط، والذي تُعدُّ الأزمة الحالية أحدث تجلياته، يتطلب بالضرورة مشاركة فاعلة من القوى الإقليمية والدولية، لتسويته بشكل يُرضي الأطراف المعنية، ويحقق المطالب المشروعة للأشقاء الفلسطينيين، ويؤسس لحقبة جديدة من التعاون الإقليمي الذي يساعد على اندماج كافة الدول في الإقليم بما يسهم في تحقيق مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.
ولعل التطورات المأساوية الحالية التي نجم عنها سقوط آلاف الضحايا، تؤكد الحاجة إلى العمل العاجل لتحقيق التسوية المطلوبة، الأمر الذي يمثل مسؤولية سياسية وأخلاقية يجب أن تضطلع بها الدول والقوى الكبرى إقليميًّا ودوليًّا، وهو ما تدعو إليه دولة الإمارات بشكل متواصل، في إطار مساعيها الدائمة لتسوية هذا الصراع المزمن.
ومما لا شك فيه أن الدور الإماراتي الفاعل لصالح الأشقاء الفلسطينيين والقضية الفلسطينية لا ينفصل عن دور الدولة في خدمة الشعوب والقضايا العربية. ولا تُغفل دولة الإمارات، في إطار مساعيها لتحقيق السلام والاستقرار الإقليميين، التنبيه إلى خطورة خطاب الكراهية والتحريض والعنف الذي يحول دون تحقيق أي تقدِّم على مسار التسوية المنشودة، وإلى أهمية إعلاء قيم التسامح والتعايش السلمي والأخوة الإنسانية التي تمثل المدخل الرئيسي نحو إنجاز السلام والاستقرار.
*الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية