التنمية المستدامة والمواطنة الصالحة
تريندز للبحوث والاستشارات أهمية تعزيز قيم المواطنة في عملية التنمية تنبع من كونها تهيئ المناخ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي وتشجع روح الابتكار تتجه المضامين الحديثة لمفهوم التنمية إلى محورية الإنسان في العملية التنموية، سواء تعلق ذلك ببناء القدرات أو توسيع الخيارات، بما يكرس مفهوم التنمية الإنسانية، ويعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في العصر الحديث، وتبرز أهميته في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى.
ولقد برز مفهوم «التنمية المستدامة» في نهايات القرن العشرين، وأصبحت هدفاً للشعوب في كافة أنحاء العالم، حيث برزت الاستدامة باعتبارها رؤية جديدة للبحث عن بنيات اجتماعية ونشاطات اقتصادية، وأنماط إنتاجية واستهلاكية وتقنيات، هدفها ضمان استدامة البيئة وتمكين الجيل الحالي وتحسين حياته، وضمان حياة ملائمة للأجيال القادمة.
ولتحقيق هذا، كان من الأهمية إعادة صياغة النشاطات الحالية وابتكار وسائل جديدة، والعمل على دمجها في البيئة القائمة لخلق تنمية مستدامة، على أن تكون مقبولة ثقافياً وممكنة اقتصادياً وملائمة بيئياً وعادلة اجتماعياً، الأمر الذي من شأنه الإبقاء على التقدم الإنساني، وهو ما يتطلب الوقوف عند حدود معينة في التعامل مع الموارد الطبيعية وتوظيفها. وهنا برزت العلاقة بين المواطنة الصالحة، بما تحمله من قيم المساواة والعدالة والمشاركة، والتنمية المستدامة.
وتستند الفكرة الرئيسية هنا إلى تصور وجود علاقة عضوية وثيقة بين تحقيق المواطنة الصالحة والتنمية المستدامة خصوصاً، وتعمل هذه العلاقة في اتجاه تأثر التنمية المستدامة إلى حد بعيد بقيم ومبادئ المواطنة، فمن الصعب أن تحقق التنمية المستدامة القائمة على التشاركات المجتمعية أهدافها، دون أن تكون المواطنة الكاملة ركناً أساسياً من أركان النظام الاجتماعي.
ويرتكز التيار القائل بهذه الفكرة على خبرة التنمية عموماً في الدول النامية، حيث يرجع سبب انهيار عملية التنمية عموماً بها إلى ذلك الإطار القائم على عدم المساواة بين المواطنين وإقصاء قطاعات عريضة منهم عن المشاركة في الشأن العام، وبالتالي فإن أهمية تعزيز قيم المواطنة في عملية التنمية تنبع من كونها تهيئ المناخ الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي وتشجع روح الابتكار وتخلق من الشفافية، ما يمكن معه من تحقيق تنمية مستدامة بتعاون مجتمعي بناء.
المواطنة الصالحة القائمة على التمكين والعدل والمساواة والاستثمار المنتج، هي التي تسمح فعلاً بإشراك المواطن - المستفيد من مخرجات التنمية المستدامة - في جميع المجالات التي تمس حياته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال تقريب الإدارة منه، وإشراكه في مختلف مستويات التنظيم والتسيير، وتمكينه من اكتساب ثقافة المحاسبة، والمساءلة وتمكينه من اكتساب ثقافة محاولة الوصول إلى الحقوق التي أقرها القانون، فالحديث عن المواطنة الصالحة مغزاها الوحيد هو التعاون، بما يجعل من مجموع المواطنين قوة تساعد الدولة في التنظيم والتسيير والتحصيل، وتسند الاستقرار العام وبالتالي تساعد على تحقيق مخرجات التنمية المستدامة بشكل إيجابي وبناء.
مركز تريندز للبحوث والاستشارات