يقدم التقرير الجديد الصادر عن «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» (IPCC) رؤيةً شاملة عن المناخ. شارك 234 باحثاً في إعداد التقرير المكتوب في نحو 4000 صفحة، ويضم حوالي 14000 اقتباس من الدراسات العلمية القائمة، ويتضمن أدلة كثيرة توضح بالتفصيل حجم التغير المناخي الذي يتسبب فيه البشر وتوقعات لما يحمله المستقبل إذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس النتائج بأنها «رمز أحمر للبشرية». وفيما يلي خمسة مقتطفات – مأخوذة مباشرة من التقرير– تبرز هذا التحذير.
«الأمر الذي لا لبس فيه هو أن التأثير البشري قد أدى إلى زيادة حرارة الغلاف الجوي والمحيطات والأرض».
لا يستخدم العلماء ولا الأمم المتحدة عبارات مثل «لا لبس فيه» بعدم اكتراث.
ووفقاً لـ«ألكسندر روان»، العالم بمعهد «جودارد» لدراسات الفضاء التابع لوكالة «ناسا»، والمشارك في إعداد التقرير، فإن اللغة المكتوب بها التقرير هي الأقوى حتى الآن، من حيث استخدامها لربط الأنشطة البشرية بتغير المناخ والاحترار الذي شهده العالم بالفعل.
وتمثل الصياغة مدى تقدم العلم على مر العقود. وقد ورد في تقرير «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» لعام 1995، أن «محصلة الأدلة تشير إلى تأثير بشري واضح على المناخ». وجاء في نسخة التقرير لعام 2014 أن «التأثير البشري على النظام المناخي واضح».
واليوم، أضحى هذا التأثير، حسب تقرير الهيئة الأخير «لا لبس فيه». ويقول التقرير : «كان العقد الماضي على الأرجح هو الأكثر دفئاً من أي فترة تستغرق عدة مئات من السنين بعد العصر الجليدي الأخير، منذ ما يقرب من 125000 عام».
وجد تقرير 2014 أيضاً أن درجات الحرارة ازدادت ارتفاعاً خلال العقود الثلاثة السابقة أكثر من أي فترة أخرى في الـ 1400 عام الماضية. أما تقرير 2021، فهو يدفع بهذا الجدول الزمني إلى الوراء لأكثر من ذلك بكثير.
قال «داريل كوفمان»، عالم المناخ القديم بجامعة «نورثرن أريزونا»، وأحد المشاركين في إعداد التقرير، إن القفزة ترجع إلى حد كبير إلى الاستناد إلى مجموعات أفضل من البيانات والأساليب. وهي أيضاً نتيجة لارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل كبير منذ ذلك الحين.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن «تغير المناخ المتسبب فيه البشر يؤثر بالفعل على العديد من الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة في كل أنحاء العالم»، أي أن هذه النسخة تربط تغير المناخ بالطقس والأنظمة المناخية.
وقال «مايكل مان»، أستاذ الغلاف الجوي بجامعة «ولاية بنسلفانيا»: لقد ربطت «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» النقاط المتعلقة بتغير المناخ والزيادة في الظواهر الجوية شديدة الخطورة بشكل مباشر أكثر بكثير مما كانت عليه في التقارير السابقة.
كما أثبتت أن هذه التأثيرات ستكون محسوسة في كل ركن من أركان العالم تقريباً، وستزداد سوءاً مع ارتفاع درجات الحرارة لمستويات أعلى وأعلى.
عند الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة مئوية، على سبيل المثال، ستشهد أجزاء من أميركا الشمالية بالفعل ارتفاعاً في عدد الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة لما أكثر من 95 درجة فهرنهايت. ولكن في ظل سيناريو الاحتباس الحراري بمقدار 4 درجات مئوية، ستشهد مساحات شاسعة من البلاد ما يصل إلى 30 يوماً إضافياً مع درجات حرارة أعلى من 95 درجة فهرنهايت.
وحسب التقرير، فإنه «مع زيادة الاحتباس الحراري، من المتوقع أن تشهد كل منطقة على نحو متزايد تغيرات متزامنة ومتعددة في العوامل المؤثرة على المناخ».
يرى «روان» أن هذه العبارة واحدة من أهم العبارات في التقرير، ذلك لأن العوامل المؤثرة «تشير إلى العشرات من الأنواع المختلفة لتأثيرات تغير المناخ، مثل درجة الحرارة أو الفيضانات الساحلية، التي درسها التقرير. كما يوضح التقرير أن التأثيرات ستزداد سوءاً مع زيادة الانبعاثات، وبالتالي الاحترار.
التقرير وجد أن العديد من التغييرات الناجمة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري «لا يمكن الرجوع فيها» بالفعل – مثل ذوبان الأنهار الجليدية. لكن هناك بصيص من الأمل وسط هذه العتمة.
ولفت التقرير إلى عبارة مفادها أنه « سيتم تجاوز الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة مئوية و2 درجة مئوية خلال القرن 21 ما لم تحدث تخفيضات كبيرة في ثاني أكسيد الكربون وانبعاثات غاز الدفيئة الأخرى في العقود القادمة». وغالباً ما تتضمن المناقشات حول تغير المناخ فكرة الحفاظ على الكوكب من الاحترار وراء حدود معينة، مثل 1.5 أو 2 درجة مئوية –وقد حدد العلماء وصانعو السياسات هذا الحد الأخير كخط أحمر لكي يتجنب الكوكب عواقب كارثية لا رجعة فيها.
وفقا للتقرير، يشهد العالم بالفعل ارتفاعاً في درجات الحرارة بمقدار 1.09 درجة. لكن أفضل السيناريوهات التي تم استكشافها من شأنها تثبيت الاحترار عند 1.5 درجة، لكن ذلك سيتضمن خفض الانبعاثات إلى «الصفر» بحلول عام 2050.
حتى الآن، على الرغم من ذلك، لا تزال البلدان مقصرة في تحقيق ما هو مطلوب لتجنب أسوأ آثار التغير المناخي، وفقاً لتحليل الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام. حتى إذا تحققت التعهدات الحالية بشأن خفض الانبعاثات، فإنها ستصل إلى انخفاض بنسبة 1% فقط في الانبعاثات العالمية بحلول 2030، مقارنة بمستويات عام 2010. يقول العلماء إن الرقم يجب أن يكون أقرب إلى تخفيض بنسبة 50%.
تيك روت
كاتب متخصص في قضايا المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»