نتانييل بولارد
بحلول 2030، ستكون المركبات وأنظمة تخزين الطاقة قد استخدمت أكثر من 9 آلاف جيجاوات- ساعة من البطاريات. نتانييل بولارد* تُعد بطارية الليثيوم آيون التي يحملها مليارات الناس يومياً في هواتفهم المحمولة إنجازاً علمياً كبيراً فاز بجائزة نوبل. والواقع أننا نعيش في عصر بطارية الليثيوم آيون منذ تسعينيات القرن الماضي من خلال كاميرات الفيديو، والحواسيب المحمولة، والساعات الذكية، والطائرات المسيرة. في العقد الماضي، بدأت هذه البطاريات الصغيرة تغيّر قطاعي النقل والكهرباء بشكل فعلي، مثلما فعلت مع الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية. وتُظهر بيانات جديدة المسافة التي قطعتها البطاريات في وقت قصير، كما تشير إلى المسافات الأطول التي من المتوقع أن تقطعها مستقبلاً. وفي هذا الإطار، وجد أحدث مؤشر لأسعار بطارية الليثيوم آيون الذي يصدر عن مؤسسة «بلومبرج إن إي إف» البحثية، أن متوسط السعر المرجح الحالي لبطاريات تخزين الليثيوم آيون هو 137 دولاراً للكيلوات ساعة، مقارنة مع نحو 1200 دولار للكيلوات ساعة في 2010، وهو ما يمثل انخفاضاً في السعر يناهز 90 في المئة في نحو 10 سنوات. وللإجابة على سؤال متعلق بتحول الطاقة يُطرح علي أكثر من أي سؤال آخر، أقول: إن هناك تفاوتاً مهماً بين الأسعار حسب التطبيق. فالبطارية المستخدمة في الحافلة أقل ثمناً من البطارية المستخدمة في السيارة الكهربائية، التي هي أقل ثمناً من البطارية المستخدمة لتخزين الطاقة الثابت في الشبكة الكهربائية. غير أنه في كل تطبيق من هذه التطبيقات، بدأت هذه البطاريات تؤثّر اليوم تأثيراً كبيراً على أسواقها المتتالية للنقل العام، والمركبات الشخصية، وشبكات الكهرباء. وغني عن البيان أن أحجام التخزين ازدادت قليلاً منذ أن بدأت مؤسسة «بلومبرج إن إي إف» رصدها. ففي 2010، وُفّرت أقل من نصف جيجاوات ساعة من البطاريات لقطاعي المركبات الكهربائية والتخزين الثابت الفتيين حينها. ولكن بعد عقد على ذلك، بات ذاك المجموع اليوم يبلغ 526 جيجاوات ساعة، أي ضعف العدد الأول بقرابة 1100 مرة. وهذا لا شيء حقاً بالمقارنة مع ما يتوقعه زملائي: أنه بحلول 2030، ستكون المركبات وأنظمة تخزين الطاقة قد استخدمت أكثر من 9 آلاف جيجاوات- ساعة من البطاريات. هل البطاريات مجرد منتج؟ أم هل تخلق أسواقها الخاصة بها؟ شركة «إكسون موبيل» بدأت الاشتغال على بطاريات الليثيوم آيون في السبعينيات، في وقت كانت فيه حتى شركات النفط الكبرى تبحث عن بدائل لمحرك الاحتراق الداخلي. في تلك الفترة، كانت البطاريات منتجاً يبحث عن استخدام – ومع ذلك، فإن الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية التي ظهرت لاحقاً ما كان يمكن أن توجد بدونها. وفي تلك الحالة، فإن البطاريات هي التي خلقت السوق. اليوم، الإجابة على ذاك السؤال باتت أكثر تعقيداً. فبالنسبة للسيارات الكهربائية، تُعد البطارية منتجاً بالأساس. السيارات موجودة منذ أكثر من قرن من الزمن، ولم تكن تنتظر بطاريات الليثيوم آيون الاقتصادية لخلق سوق. صحيح أن الكهرباء طريقةٌ جديدة لتزويد السيارات بالطاقة، ولكن السيارة ما زالت هي السيارة. وبالمقابل، فإن تخزين الطاقة بالنسبة للشبكة الكهربائية شيء مختلف. فالوقود هو طاقةٌ مخزَّنة على كل حال، وبطاريات الليثيوم آيون غير الباهظة أوجدت سوقاً جديدة للإلكترونات المخزَّنة على نطاق مهم. كما مكّنت أسواقاً جديدة للخدمات التي يستطيع مشغّلو البطاريات تقديمها للشبكة الكهربائية. ولكن، ما الذي سيأتي الآن في وقت تصبح فيه البطاريات أرخص، وذات كثافة طاقية أعلى، ومنتَجة بحجم أكبر بكثير؟ أتصورُ أن مزيداً من البطاريات ستخلق أسواقاً جديدة لم نفكر فيها بعد، وهو ما يذكّرني بقصة ولادة جهاز الآيبود: فشركة «توشيبا» كانت اخترعت قرصاً صلباً بحجم 1.8 بوصة، ولكن لم تكن لديها أي فكرة عما يمكنها أن تفعل به. ولكن مديري شركة «آبل» علموا بذلك وخلقوا سوقاً جديدة به. * كاتب أميركي متخصص في التقنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»