ينعقد «حوار المنامة» هذا العام تحت عنوان «إعادة ترتيب الشرق الأوسط»، بهدف وضع ترتيبات جديدة لمستقبل المنطقة، وذلك بالتزامن مع العديد من التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، مما يستدعي مناقشتها ووضع حلول مستدامة للعديد من المشكلات. المتغير الجديد كان حضور إسرائيل في الحوار، والذي تولّد من الاتفاق الإبراهيمي للسلام، وما له من نتائج ستؤثر في قواعد اللعبة وستحرك الزوايا التقليدية في المنطقة. إنه المتغير الأول الذي يفرض مفاعيل سياسية واقتصادية وأمنية نوعية في الشرق الأوسط.
ويمكن رصد مؤشرات تغير خريطة المنطقة في الآتي: إسرائيل لم تعُد عدواً بعد ما فتح اتفاق السلام الطريق أمامها. ومضيق هرمز لن يعود مضيقاً تهدد إيران بغلقه أمام عبور النفط الخليجي بعد البدء بمشروع خط أنابيب النفط والغاز «الخليج العربي -العقبة» المفضي إلى أوروبا، والذي سيتم نقل نفط كركوك والبصرة من خلاله أيضاً (كمشروع محتمل).
كان أول المتحدثين في «حوار المنامة» وزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني، الذي شدد على أن الأمن الدولي يتوقف على أمن الشرق الأوسط، وأنه لأي تحدّ تواجهه المنطقة تأثير مباشر على العالم بأسره. وأشار الزياني إلى أن الأمن في الشرق الأوسط مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن العالمي منذ 70 عاماً على الأقل، وأن هذا الارتباط ازداد قوةً في الآونة الأخيرة. على مدى عقود طويلة كان العالم يعتبر الشرق الأوسط منطقة مضطربة، والآن نحتاج إلى تغيير هذه الرؤية وإظهار التزامنا بالاعتماد المتبادل والتطلعات المشتركة.
كما تحدث معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، وقال إن مسألة أمن واستقرار منطقتنا العربية أهم ما يشغلنا في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن الصراع وزعزعة الاستقرار في المنطقة يتطلبان تعاوناً دولياً فعالاً. وأضاف قائلاً: إن الإمارات تستنكر سياسة إيران القائمة منذ عقود، وإن الدبلوماسية هي الحل بشأن إيران، ولفت معاليه إلى أن سياسة إيران التوسعية أحد أسباب عدم استقرار المنطقة. وشدد معاليه على ضرورة حل أزمة صواريخ إيران الباليستية بجهود دبلوماسية دولية إقليمية مشتركة.
كما تحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وقال إن البرنامج النووي الإيراني لا يزال يشكل تحدياً كبيراً، وإن الاتفاق الموقع بين طهران ودول كبرى في عام 2015 «سمح لها بتمويل أنشطتها الخبيثة في المنطقة».
فيما أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، في كلمته خلال «حوار المنامة»، على استمرار بلاده في التزامها بتعزيز الأمن الخليجي ضمن وجود مجلس تعاون أكثر تكاملاً، وتكريس إطار تعاوني قوي لدول الخليج العربية.
أما وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، فأكد على ضرورة إدراك حجم التهديدات الإيرانية في المنطقة، مشيراً إلى أن بلاده تعمل على إيقاف تدخلات طهران الإقليمية، مشدداً على أهمية اتفاقات السلام لمستقبل المنطقة.
وأبدى وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قناعة بلاده بأن تسوية النزاعات التي يعانيها الشرق الأوسط تمثل الأولوية القصوى لإحلال الاستقرار في المنطقة، وأن غياب آليات حل النزاعات جعل الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم توتراً وتأزماً.
ما نخلص إليه من «حوار المنامة»، هو أن هناك توافقاً كبيراً على التهديد الذي تتعرض له المنطقة من قبل إيران، وأنه على الجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه السلام، وأن إسرائيل معنية بشكل حيوي بالإسهام في السلام، وبإيجاد تسوية سلمية تعطي الفلسطينيين حقهم بإقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية.