- أريد ثلاثة فقط من المواطنين والمواطنات الكرام أن يتصلوا بي ممن حالفهم الحظ، ونزلت عليهم خيرات السماء، واستجيب لدعوات والديهم، وتوظفوا من خلال تقديم طلبات العمل إلكترونياً، ووجدوا لهم عملاً من خلال تلك المنصات، وأكشاك التوظيف الموسمية، والتي يشرف عليها شباب وشابات صغار، تحسبهم كأنهم من الطلبة المتطوعين، لا أخذ ولا عطاء، ولا شرح مبسط للشواغر الفعلية، ولا أهمية ترغيب طالب الوظيفة في فهم ما تقدمه مؤسساتهم من خدمات مجتمعية، مساكين ما عندهم غير تلك الجملة اليتيمة: من فضلك تقديم طلبات الوظيفة إلكترونياً، ويخرجون لك «كرت» المؤسسة فيه عنوان بريدهم وموقعهم الإلكتروني، على أساس أن مؤسساتنا قال «أمْرّه» واصلة حدها من الموضوعية والشفافية والإلكترونية، قالوا: قدم أوراقك على الوظيفة إلكترونياً، طيب رضينا.. بس المدراء مش إلكترونيين هذه هي المشكلة!
- لو أراد إنسان أن يفتح محلاً لبيع القهوة فسيحسب قيمة الماء، والحليب، وماكينة القهوة، والكأس الورقي، والسكر، وواقي الحرارة، وإيجار المحل، وأجرة العامل، ومصاريف إدارية ومحاسبية، بنسب متفاوتة وجزئية، وسيظهر معه كم يكلفه «كوب» القهوة، ولنقل خمسة دراهم، وسيضيف عليها ربحه الصافي خمسة دراهم أخرى، فيكون السعر السوقي عشرة دراهم، دون أن يشاور أحداً، ودون أن يأخذ رخصة من البلدية أو الاقتصاد أو التجارة أو الرقابة أو أي جهة مختصة بذلك، يعني هو اللاعب الوحيد، ويمكن أن يوصله تاجر آخر «15 درهماً»، وآخر «20 درهماً» حتى يصل «35 درهماً»، هكذا تمشي الأمور في أسواقنا، وهكذا يظهر الغلاء في كل شيء، وهكذا يقتنص المستثمرون أرباحهم في وقت سريع، وهكذا يربكون حركة البيع والشراء، وهكذا تقفل المحلات واحداً بعد آخر، ليأتي مستثمر جديد، ويفعل الفعل نفسه، كله افتح، وجرب، واضرب، واهرب، ولو وصل فنجان القهوة «50 درهماً» فلن يسأل أحد، وإن سأل، قال لك: هذا من الكماليات، وليس من الضروريات! طيب واللي يتصوعون من الفجر!
- كلما كانت الشفافية عالية والأمور واضحة عرف الإنسان حقوقه وواجباته، تلك هي المعادلة الصحيحة في الحياة، ما تعرض له أحد البنوك عندنا في الآونة الأخيرة، وله تجارب مماثلة في السابق، يفترض به تحديد الأمور، ووضع النقاط على الحروف لكي لا تحدث بلبلة ولغط واجتهادات في القول والتأويل، فالسكوت عن المشكلات يجعل الشيطان يلعب في الحديقة وحده، وعلى العشب الأخضر، فكيف يكون في حسابك ما يكاد يسد مصروفاتك ومصروف عائلتك، ويتعهد بالالتزامات تجاه الآخرين، وفجأة، تجد حسابك في السالب، وتظهر لك سحوبات وتحويلات، ودفع مبالغ لا تعرف عنها، ولا مكانها، ولا لك صلة بها، وحين تحاول الاتصال بالبنك لمعرفة الأسباب، لا تجد من يرد عليك، الأمر الذي يجعل كل التكهنات ممكنة، وإذا كانت هناك نية لتصحيح الموقع، وحمايته وترقيته وتجديده ألا يجدر بالبنك أن ينبه عملاءه، وألا يجدر بالبنك أن يعرف أن صغار المتعاملين معه منذ سنوات طويلة معنى أن تسحب ما في حسابه من مبالغ تصل إلى عشرة آلاف درهم هي آخر متبقياته لنهاية الشهر معناه كارثة بالنسبة له!