الثامن عشر من يوليو يوم قطرة الماء العذبة التي فتحت نافذة للثاني من ديسمبر 1971 كي تتعانق أغصان الشجرة المباركة شجرة اتحادنا العظيم، حيث أمطرت السماء وعداً وعهداً لميلاد دولة أصبحت اليوم نجمة في سماء العالم، في فلكها دارت الكواكب وأشرقت أفئدة العشاق بشمس الأحلام واسعة الأهداب، وتقدمت هذه الدولة بفضل قادة عظام من إماراتنا السبع، فيما كان يقود دفتها إلى الأفق حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، محملاً بمسؤوليات جسام أهمها تقديم البشارة لشعب آمن بأن الاتحاد هو النهر الذي منه ترتوي مشاعر أمة قدوتها دولة انبثقت جداولها من وجدان صحراء هي المهد وهي السعد وهي الأمل، هي الأنشودة تترنم أوتارها من قيثارة الحب وتشدو بحناجر أبناء ما كلوا وما ملوا من السير قدماً نحو آفاق الفرح، نحو المدى المنعم بمشاعر شعبٍ تطلعاته كانت نحو بناء دولة عصرية تفيض تضاريسها بأريج ينسجم فيه عطر المحبة بذائقة الدماء الزكية، وهي ترتب معاني الانتماء للوطن والولاء لقيادة هي الحضن وهي الشجن، هي الفن وهي الفنن، وبكل معاني التضحيات ولدت دولة الاتحاد وتفرعت أغصانها، وعلت وسمت واتسمت بكل ما تحمله الكلمات من أبجدية البلاغة ونبوغ الأوفياء الذين وضعوا علم الاتحاد، آية من آيات الصدق والإخلاص، وعلامة من علامات شيم أهل الإمارات وقيمهم النبيلة، وأصبحت اليوم نموذجاً لوحدة المصير والتاريخ الذي يسجل كلماته من حبر النبلاء، ونجباء عصر لم يحدث له مثيل، ولم يوازه حدثٌ في عالم اليوم.
اتحادنا رمزنا، منه نستلهم حكمة قادتنا، ومنه نتعلم كيف يكون الحب درساً وافي الفصول والتفاصيل عندما يكون المعلم الأول هو زايد، وعندما يكون القادة حكاماً وضعوا مسؤولية بناء اتحاد قوي نصب الأعين وفي أولويات الاهتمام.
وهكذا أصبحنا اليوم ننعم بوطن كأنه الحقل المزروع برياحين الآمال العريضة، الممهد بفيض من منجزات أذهلت العالم، ومشاريع كان صداها يعانق السحابات، وطن له في الدُّنى صيت وصوت، وله في المنصات العالمية ما يلهم وما يحفز ويدفع بالتي هي أحسن.
الإمارات اليوم باحة الفرح وواحة العطاء، وهي اليد الطولى في مساندة كل مشاريع التواصل بين الدول، وهي القوة العظمى في ترسيخ معاني الحب بين شعوب العالم، وهي القامة الرفيعة في قطف ثمرات السلام في العالم.
الإمارات اليوم تقف في مقدمة الصفوف، ترتب مشاعر السياسة بأنامل من الحرير، وتنسق أحلام الشعوب برموش من مخمل الود وسماحة الأفكار الناعمة، الإمارات تمضي بقافلة السياسة كما بحافلة الاقتصاد كما بمسيرة الحياة الثقافية بسلاسة مطوقة بسلسال من ذهب.
هذه هي فكرة الاتحاد التي انبجست من فكر زايد وراشد، ثم تنامت في أذهان قادة الإمارات جميعاً، لتصبح اللبنة جسراً سميكاً يذهب بالقافلة إلى حيث تمنى زايد الخير، وحيث الآمال التي أصبحت اليوم واقعاً ملموساً وحياة مرفهة بثراء التطور وغنى الأواصر، بكل ما تحمله اللغة من بحور القصائد والملاحم التاريخية.
اليوم نحصد ما زرعه زايد وإخوانه حكام الإمارات، اليوم نفخر بما بذره أولئك الأفذاذ، ونعتز بثمار ما نثروه في وجداننا من بذور المجد المجيد.