أن تسدد ألف مرة ولا تصيب الهدف، خيرٌ من الخنوع ساكناً متفرجاً على تقلبات البشر وتبدلاتهم في الأيام، هذا يسعى للماء ولا ينال سوى الحريق، وذاك يذهب للنار وينهبُ من لُبّها جوهر ما يعينه على تكملة المسير.
الرجل الذي لم يعرف بعد كيف يخرج من الدائرة، هو مجرد عقرب يدور في الساعة إلى ما لا نهاية، لا شيء يتبدل فيه سوى تحولاته في الوقت، إذ يتغير كل شيء وهو ثابتٌ في مكانه.
المرأة التي حبست نفسها بنفسها في المرآة، كان أولى بها أن تندس في القصيدة وتصير حرةً من كل قيد أو شرط، تُشرقُ في الصباح من وراء جبل الانتظار فتهفُّ لها قلوب الباحثين عن الضوء ومنتظريه، وفي منتصف النهار يرسمها الأطفال نجمة زرقاء على جدران البيوت المهجورة، أما في المساء، فسوف نرى كيف يعوي لها الذئبُ وكيف يزفّ الشعراء كلماتهم لتطريز فستانها.
كان الشعراء في الماضي يدونون قصائدهم على ورق الشجر، وكأن للقصيدة عشاً تنام وتتناسلُ فيه، وكان الرسام يلجأ للجدران والأسوار ليكتب قصة ارتفاع مشاهداته وتفتّحِ أمانيه، أما النحّات فكان يرى في الجبال العالية تمثال الحقيقة المخبوء داخلها والعصيُّ جداً تخيّل أبعاده وحواشيه.
من يتعلم من التاريخ هو وحده من يقرأ المستقبل، هناك تاريخ للأشياء كلها، والناجحون هم من يستوعبون الدرس وينقبون في أسبابه وتكرار حدوثه، وبناء عليه يصعدون القمم بسهولة، فيما الغافلُ لا يزال لا يعرف في أي درب عليه أن يخوض وفي أي مسلك يجب أن يمد ساقه وفي أي سماء يجب أن يرسل طيور أمانيه.
ما أروع أن يستحمّ المسافر تحت الشلال ثم يكمل الطريق، إنها لحظة فارقة في مصير الذاهبين إلى اللانهاية، وما أقسى أن يظل الخائف حبيساً تحت شلال الذكريات غارقاً في مستنقع الندم، الخطوة العظيمة هي التي لا تقف أبداً إلا للتطهّر والاغتسال من العوالق، ذلك لأن الطريق لا ينتهي أبداً.
أنت تقول لا وهي تقول نعم.. هل النتيجة أن تتخاصما؟ هي تقول أحب الصباح وأنت تقول أحب القمر، هل النتيجة أن تفترقا في الظهيرة؟ ولو أراد طفلٌ أن يدربكما على الضحك، هل ستمرجحانه بيدين أنت من هنا وهي من هناك؟ إذاً أنتما الآن كلٌ، والفروق بينكما لم تكن إلا وهماً تولده الأفكار الناقصة.