«مسيو إبراهيم وزهور القرآن»
رواية إريك إيمانويل شميت “مسيو إبراهيم وزهور القرآن”، هي من أهم روايات هذا الكاتب والذي حصل على الوسام الأكبر للأكاديمية الفرنسية على مجمل أعماله، بل هي التي طارت بشهرته منذ صدورها في عام 2001. وهي قصة جميلة وعجيبة تظهر روح التسامح بين البشر عندما يفهم الناس بعضهم بعضاً بعيداً عن الصراعات الدينية واختلاف الأجناس والثقافات والمرجعيات التي تبني عند البعض الحواجز النفسية العالية والخصبة بعيداً عن الفهم الحقيقي للإنسان كونه ينتمي إلى هذه البشرية.. قصة حب عجيبة ونادرة بين صبي يهودي لا يتجاوز السادسة عشرة من العمر وشيخ مسلم تجاوز السبعين من العمر.
الصبي اليهودي موييس أي موسى، كان ينظر إلى الشيخ إبراهيم المسلم، صاحب الدكان الذي يعمل في هذه البقالة الصغيرة في الحي الذي يعيش فيه موييس بحقد، يبدأ بسرقة إبراهيم ويصر عليها بحكم أنه لا يحب الرجل المسلم وأن سرقته مستباحة، انطلاقاً من ما يردده والده من كره للمسلمين وعدم احتمالهم، ولكن صاحب الدكان إبراهيم المسلم، لا يغضب أبداً ويغض الطرف عن سرقات موييس الصغيرة.
عرف ذلك مومو لاحقاً، عندما أصبح صديقاً للشيخ إبراهيم، وبدأ التحول العجيب عند موييس وتغيير طباعه، عندما بادره الشيخ بالسؤال عن حزنه وكآبته في ذلك اليوم الذي جاء ليبتاع أغراض لوالده.
قال له الشيخ: ابتسم تعجب، تعجب موييس كيف أبتسم أن والدي دائم الحزن والكآبة والغضب المستمر، وليس مثلك دائم الابتسامة.
نصحه أن يجرب الابتسام وإن صعبت عليه الأمور قال له إنها مفتاح لكل شيء، ثم قدم له أيضاً نصيحة البحث عن حلول أخرى عوضاً عن تلك الأوامر الحرفية التي يطلبها والده في شراء أغراض محددة السعر ومعروفة الثمن مسبقاً، قال له هناك الكثير من البدائل يمكن أن توفر عليك شيئاً من المال وترفع عنك غضب والدك الصارم البخيل.
عندما جرب موييس الابتسام مع والده وجده قد تغير قليلاً، حتى أنه سأل: من أرشدك إلى هذا الأسلوب الجديد الذي لم أعهده فيك؟
ابتسم موييس وذهب إلى الشيخ ليشكره ويستمع إلى المزيد من نصائحه، بل اعترف له بأنه كان يسرقه في غفلة منه.
أجابه الشيخ إبراهيم بأنه يعلم ذلك، ولكن لم يغضب لأنه يرى أنه صبي صغير، وأن ما يفقد من ماله هو نفقة أو صدقة عن ماله وأن الله سوف يعوضه، والأهم أن يظل أيضاً زبون عنده، وماذا يهم أن يخسر قليلاً، ثم قال له إن هذا كله موجود في قرآني.
تعجب الصبي اليهودي وانفرج قلبه لمحبة هذا الشيخ وأصبح صديقاً حميماً لا يفارقه أبداً، ويذهب إليه كلما احتاج لنصيحة أو حل مشكلة، وعندما بلغ الثامنة عشرة عاد إلى المنزل فإذا بوالده قد هجره بعد أن كتب رسالة بأنه لم يعد يحتمل الإنفاق عليه، ترك مبلغا صغيرا، وغاب كما غابت أمه التي هجرته ووالده منذ زمن طويل، لم يبق الصبي موييس أو مومو كما أطلق عليه الشيخ، التحق بكل جوارحه بالشيخ حتى أنه قال له يوماً: هل تتبناني يا شيخ إبراهيم؟ فعل ذلك فرحاً وذهب معه في نهاية المطاف إلى الشرق ليريه تاريخه وجذوره، بل قال في شهادة التبني إنه ابني محمد، وفي حادث سير يموت الشيخ إبراهيم ويرث مومو الدكان ومصحف إبراهيم وعندما يفتح المصحف يجد وردتين ذابلتين، إنها قصة في غاية الجمال والروعة.
إبراهيم مبارك | Ibrahim_M barak@hotmail.com