طائر الخضيري
طائر الخضيري، أجمل طائر محلي، والذي يأسرك بألوانه الزاهية، إنه الناعم الذي تحمله بخفة تلك الأجنحة الزرقاء أو البنفسجية، وهو الذي لا يعرف غير جريد النخل الأخضر أو أشجار السدر أو الغاف أو المزارع والبساتين، طائر لا يحب غير الأرض الخضراء والنسمة العليلة التي تأتي عند تباشير الصباح أو المساءات الهادئة والرائعة، طائر يزين المساء وأوقات الأصيل الناعمة، مفرح ومحب للسماء الصافية أو تلك اللحظات البديعة التي تأتي بعد المطر.
كلما ألتقي صديقي ناصر يذكرني بلحظات جميلة ويذكرني أيضاً بالصدف التي لا تبرح الذاكرة، فهي دائماً تمد أيامنا بالبديع والجمال وتبحث على الحبور وإشعال الشموع للمساءات البديعة، صدفة كانت لقاءاتنا الأولى، مدينتي بعيدة عن مدينته وإن ضمَّنا وطن واحد، أنا من البحر وهو من الأفلاج.. صحيح أننا ننتمي إلى الماء ولكن مدينته خضراء دائماً، تعطر سماءها روائح النعناع والليمون و”الترني” و”الشخاخ” وتعبرها الأفلاج القديمة، بينما أنا من قرية البحر والأسماك ورائحة العومة والرمل والنخيل.
في البدء كان اللقاء لتمثيل الإمارات في باب الثقافة إلى جانب أخوة آخرين في مجال الرياضة.
ومثل طلاب المدارس كان أمر المشرف الإداري بأن نقيم كل اثنين في غرفة واحدة وأن ننفذ برنامجنا الثقافي الرياضي المشترك مع عديد من الناس وبعض الفنانين عبر برنامج في القاهرة لم ير النور أبداً.
كانت فرصة وبداية لمعرفة هذا الطائر الخضيري الجميل، من القاهرة انطلقت معرفة وصداقة امتدت حتى هذه اللحظة.
في موسكو أيضاً كان يحملنا قطار الليل مسافراً عبر مسافات طويلة وأنا وصديقي ناصر نضيء الشموع في عربة واحدة حتى سكن القطار في محطته الجميلة مدينة لينين جراد، أو بطرس بورج الآن.
في موسكو أشعلنا أضواء كثيرة وشموعاً كثيرة وأيضاً قدّمنا أزهاراً كثيرة إلى عصافير الجنة والنار، تحولت أيامنا إلى مربين للطيور الملونة، كل مساء تأتي ليالي موسكو ثقيلة ولا يزينها غير زغاريد هذه الطيور الجميلة، أما نهارها فإننا نستهلكه بالطواف والتردد كثيراً على شارع أربات أو شارع الفنانين، حيث المعارض الفنية واللوحات والفنانين الذين يرسمون لوحاتهم في الشارع وأمام المارة، وصديقي العزيز يوثق كل شيء عبر الكاميرا التي لا تفارق كتفه، إنه فنان في روح شاعر وأديب رقيق، ليست هذه وحدها لقاءاتنا الجميلة، بل في كل صدفة يجمعنا اللقاء خارج الإمارات يكون بديعاً وجميلاً، في المغرب أيضاً جمعتنا يوماً غرفة واحدة، كان صديقي العزيز يعزي نفسه بالليالي القليلة في انتظار فراشات الفرح التي تأتي من باريس إلى المغرب حيث الجمال والفرح، لحظات انتظار ثم يغيب الطائر الخضيري مع ألوان الفجر مع فراشاته الجميلة معتلياً جريد النخل ومنشداً أغاني الفرح وبعد غياب التقنية العام الماضي في أصيله وإذابة نفس الطائر الجميل المنشد للمساءات الجميلة دائماً.
Ibrahim_Mubarak@hotmail.com