- المكان خال تماماً، حتى أولئك الغرباء الذين تصادف مرورهم بهذه الأزقة، لم يظهر أحد منهم، هذه نار جهنَّم والظهيرة القاتلة تمنع حتى الطير أن يحوم في السماء، إنها أحسن فترة يمكن استغلالها للوصول إلى الموقع.
تأكدا أن المكان لم يدخله أحد، حيث إن الإشارة التي وضعاها لمعرفة إن كان قد دخل أحد المكان لم تمس.
جمعا كل شيء، حمل أحدهم الآلة الكاتبة بعد أن وضعها في كيس، وحمل الآخر الأوراق والكتب، ثم اختفيا في الممرات المتعرجة، حتى وصلا إلى خارج المنطقة.
ضحكا كثيراً وتصافحا بقوة.
- إنها مغامرة ومجازفة، صدقني لا يفعلها غير المجنون.
- لا أصدق أننا نجحنا في هذه المخاطرة، يا الله كم نحن محظوظون، الآن أحس بخوف شديد ورعب، حيث إنها فكرة في غاية الخطورة، ولكن الرب وحده المنجي.
- كانوا سوف يصلون إلى هُنا لو طال الوقت، من يدري فقد يتعب البعض وينهار، ثم تسرد كل الحكاية.
- الآن أنجزنا شيئاً مهماً جداً، ولكن ماذا نفعل بهذا كله، لا بد أن نتخلص من كل هذا بأسرع وقت.
- بالتأكيد لن نحمل كل شيء إلى منازلنا، حيث إن المتوقع، أن يتم مداهمتها في أي لحظة.
- تعال نقبر كل شيء، حيث إن الحرق يوقظ النائمين ويثير البعض، ثم إنه لا يمكن أن يتلف كل شيء، والبحر لا يقبل أن يحتفظ بغير الماء والأسماك التي تدب فيها الحياة والأحياء والصخور، حيث إنه بعد زمن سوف يرمي ما في بطنه على الساحل.
وحدها الأرض هي أم البشرية، والإنسان من التراب إلى التراب.
كل شيء مهم يأتي من الأرض وقد يعود إليها.
أحسا بأن العزيمة والإرادة وهزيمة الخوف كانت دائماً ما يحقق النصر.
سارا بفرح عظيم وقررا أن يكون طريقهما مباشرة إلى الفضاء البعيد، حيث الرمال الذهبية.
غابت المنازل بعيداً وحجبها الرمال الممتدة والكثبان الرملية.
- هُنا يمكن أن تؤمن هذه الأوراق والآلة الكاتبة، عند من يحفظ أمانته إلى الأبد.
بعد الانتهاء من كل شيء، سارا بعيداً إلى المنازل، ثم قدم كل واحد للآخر آخر تحية وتفرَّقا كل إلى طريق.
مضى زمن طويل، تحرَّك الرمل في كل الاتجاهات وبات مؤكداً أن أحداً اهتدى إلى الوديعة الثمينة، بل إن أمطارا جاءت وذهبت وأعوام كرت نفسها وتوالت.
الدنيا كلها تغيرت وتبدلت المدينة والقرية ولم تعد كما هي، الأصحاب والأصدقاء والرفاق أخذتهم الحياة في طياتها الكبيرة، لم يعد الزمن كما هو ولم يعد أحد يشعل النيران على قمم الجبال هُناك، سقط من سقط، وذهب مع الدنيا والحياة كل جميل وماتت الخيول خلف الجبال والسهول...
مقطع من نص أدبي طويل ينشر مستقبلاً
Ibrahim_Mubarak@hotmail.com