أقر وزراء البيئة من مجموعة العشرين المجتمعون في منتجع «كاريوزاوا» باليابان، يوم الأحد الماضي، بالحاجة الملحة لمعالجة مشكلة نفايات البلاستيك التي تخنق محيطات العالم لكنهم لم يتفقوا على إجراءات أو أهداف محددة للتخلص تدريجياً من البلاستيك الذي يُستخدم لمرة واحدة.
وهناك أكثر من ثمانية ملايين طن من البلاستيك تُلقى في محيطات العالم كل عام بما يعادل إلقاء حمولة شاحنة نفايات كل دقيقة. وتوقع علماء أنه بحلول عام 2025 سيكون وزن البلاستيك في المحيطات أكثر من وزن الأسماك بها. لكن الاتفاق على نهج مشترك لحل المشكلة أثبت أنه معضلة، مع اعتراض الولايات المتحدة على مطالب تجعل من تقليص نفايات البلاستيك تدريجياً، هدفاً عالمياً.
وأعلن وزراء البيئة من مجموعة العشرين قبل قمة المجموعة التي ستنعقد أواخر يونيو الجاري أن «النفايات في البحار وبخاصة نفايات البلاستيك والقطع الصغيرة منه مسألة تتطلب انتباهاً عاجلاً نظراً لتأثيرها المعادي للأنظمة البيئية البحرية ومصادر الرزق والصناعات التي تتضمن صيد الأسماك والسياحة والشحن»، وعلى صحة البشر أيضاً. وجاء في بيان الوزراء أنهم «عازمون على اتخاذ إجراءات لحل هذه القضية». لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق على أي التزامات محددة مشتركة، واكتفوا بالحديث عن «تشجيع الأعمال التطوعية» من أعضاء مجموعة العشرين «بما يوافق السياسات القومية».
وأصبحت قضية تلوث البلاستيك قضية دبلوماسية ساخنة على مدار العام الماضي. وظهرت دعوات للقيام بعمل جماعي في مجموعة العشرين ومجموعة السبع ومنتديات الأمم المتحدة. ويستهدف الاتحاد الأوروبي القضاء مرحلياً على البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة بحلول عام 2030 ساعياً لجعل كل العبوات قابلة لإعادة الاستخدام والتدوير. كما تعهدت الدول التي شاركت في مجلس الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي في مارس الماضي بتقليص إنتاج البلاستيك واستهلاكه بشكل كبير بحلول عام 2030. لكن الولايات المتحدة التي أنفقت أسبوعين في نيروبي تحاول التخفيف من صرامة المقترحات، رفضت في النهاية المقترحات في اليوم الأخير.
وألقت إدارة الرئيس دونالد ترامب باللائمة في المشكلة على دول آسيا التي تلقي أنهارها كميات هائلة من البلاستيك في البحر. وأعلن «أندرو ويلر»، مدير وكالة الحماية البيئة في الولايات المتحدة، للصحفيين في اجتماع كاريوزاوا في اليابان أن «60% من مخلفات البلاستيك في البحار تأتي من ست دول آسيوية و80% من النفايات تأتي من أربعة أنهار على مستوى العالم. نعرف أين هذه المشكلات ونستطيع القيام بالكثير لمعالجتها».
وهناك دراسة يجري الاستشهاد بها على نطاق واسع توصلت إلى أن الصين هي أكبر مصدر مباشر لنفايات البلاستيك البحرية وإندونيسيا مساهم كبير أيضاً. لكن نشطاء بيئيين يرون أن حجة إدارة ترامب تتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للبلاستيك في العالم إلى الدول الأفقر، ما أدى إلى عواقب بيئية وخيمة. وتتغاضى الولايات المتحدة أيضاً عن دور الشركات الأميركية في بيع البلاستيك والمنتجات المغلفة في بلاستيك لا يمكن إعادة تدويره إلى الدول النامية.
ويؤكد «كريستوفر تشين» المدير التنفيذي لـ «مركز الوعي والبحث والتثقيف بشأن المحيطات» ومقره سان فرانسيسكو أن «الولايات المتحدة مرتبطة للغاية بمصالح الصناعة». ويدعو هذا المركز وجماعات بيئية أخرى كثيرة منها «جرينبيس» و«الصندوق العالمي للحياة البرية» إلى معاهدة ملزمة قانونياً لكبح تلوث البحار بالبلاستيك. ويجادلون بأن عنصراً أساسياً مثل إبرام معاهدة يتعين أن يكون التزاماً عالمياً مشتركاً لتقليص نفايات البلاستيك.
وأصدرت مجموعة العشرين «إطار عمل لاتخاذ إجراءات بشأن نفايات البلاستيك في البحار» متعهدين «بدعم نهج دورة الحياة» للتقليص العاجل لإلقاء نفايات البلاستيك في المحيطات من خلال إدارة النفايات وعمليات التطهير والحلول المبتكرة والتعاون الدولي. وتعهدت المجموعة بمنع وتقليص نفايات البلاستيك ودعم الاستهلاك المستدام وتقاسم المعلومات والمعرفة العلمية، والتعرف على أفضل الممارسات، وأيضاً «تشجيع» المراقبة العالمية للنفايات في البحار.
وأعلن المسؤولون الذين واجهوا خلافات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنه من المستحيل التوصل إلى التزامات أكثر قوة أو لغة أقوى. فقد أكد «هيروشي أونو»، نائب المدير العام للشؤون البيئية العالمية في وزارة البيئة اليابانية للصحفيين «كل دولة لها رؤيتها الخاصة ومن الصعب للغاية الخروج بنص قوي»، لكن نشطاء بيئيين يرون أن ما تمخض عنه الاجتماع مبهم لدرجة تحول دون التعامل مع أزمة ملحة.
سايمون دنير
رئيس مكتب واشنطن بوست في طوكيو
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»