عندما فرض الرئيس ترامب تعريفات جمركية جديدة على الصين مؤخراً، ضاعف الضغطَ على أحد مطالبه الأساسية من بكين: كبح جماح الشركات الكيميائية التي تغذي الاتجار بالفنتانيل. ولطالما جادل ترامب بأن الصين مساهم في الجرعات الزائدة التي أودت بحياة أكثر من 400 ألف أميركي خلال العقد الماضي.
لكن الحرب التجارية ليست حلاً لهذه المشكلة، بل قد تؤدي إلى تقليل تعاون الصين في قضية الفنتانيل بدلاً من زيادته.
بدءاً من عام 2016، أخذت الوفيات الناجمة عن تناول جرعات زائدة من الفنتانيل، بالارتفاع بشكل حاد في أميركا. وعندما تولى بايدن منصبه أوائل 2021، زاد عدد هذه الوفيات بنسبة 30%. وفي فبراير 2024، انضمت عائلتي إلى مئات آلاف العائلات الأميركية التي فقدت أحد أحبائها بسبب هذا الوباء. وقعت هذه المأساة الشخصية، بعد أسبوعين فقط من انضمامي لوزارة الخارجية للمساعدة في قيادة جهود مكافحة الاتجار بالفنتانيل.
قضيت عاماً في قيادة الحملة الدبلوماسية الأميركية لكبح دور الشركات الموردة للمواد الأولية المستخدمة في صناعة الفنتانيل. استخدمنا كل وسيلة، من إنفاذ القانون إلى العقوبات إلى الدبلوماسية، بغية الحد من المواد الأولية للفنتانيل. ورغم أن الأمر لم يكن مثالياً، فإنه كان ناجحاً.
وفي 2021، أصدر بايدن أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على الأفراد والشركات المتورطة في تجارة الفنتانيل. وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على أكثر من 300 فرد وكيان، وفي عامي 2023 و2024، حدد بايدن الصينَ باعتبارها مصدراً رئيساً لإنتاج الفنتانيل، ما أضرّ بسمعة الصناعات الكيميائية الصينية.
وعملت وزارة العدل مع حكومات أجنبية لاعتقال مهربين وتسليمهم للولايات المتحدة لمحاكمتهم.
واكبت إدارة بايدن إجراءات المساءلة هذه بالعمل الدبلوماسي. وفي يوليو 2023، أطلق وزير الخارجية أنتوني بلينكن التحالف العالمي لمكافحة تهديدات المخدرات الصناعية، ما أدى إلى مواءمة العالم مع الأجندة الأميركية.
ومهدت هذه المبادرة الطريق أمام بايدن للحصول على التزام شخصي من القيادة الصينية باستئناف التعاون في مكافحة الفنتانيل في نوفمبر 2023. وبموازاة ذلك، أصدرت الحكومة الصينية إشعاراً لقطاع الصناعة الكيميائية فيها يوضح العقوبات الجنائية على بيع المواد الأولية لإنتاج الفنتانيل.
وطوال عام 2024، استمرت الإدارة في الضغط على الصين لتقييد بيع الفنتانيل، ولاتخاذ إجراءات ضد مهربيه. وفرضت بكين حظراً جديداً على بيع أكثر من 50 مادة مخدرة وكيميائية قاتلة، وانضمت إلى الولايات المتحدة في التصويت بشأن المواد الأولية للفنتانيل في الأمم المتحدة.
كما ضغطت واشنطن على بكين لتنفيذ أول إجراء مشترك لإنفاذ القانون ضد تهريب الفنتانيل منذ سنوات، بما في ذلك اعتقال مهرب رئيسي. وبدأت السلطات الصينية جهوداً مهمةً لإزالة الأسواق الإلكترونية لمنظمات تهريب الفنتانيل الدولية.
وفي الاثني عشر شهراً الماضية، انخفضت الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة بنسبة 24% مقارنة بالعام السابق. وتم إنقاذ آلاف الأرواح الأميركية.
لكن وباء الجرعات الزائدة من الفنتانيل لم ينته بعد، ولدى الرئيس ترامب الآن فرصة لإكمال المهمة، ولتحقيق ذلك يمكنه الإصرار على تفكيك الأسواق الإلكترونية لبيع المواد الكيميائية الأولية للفنتانيل.
لكن ليس بالتعريفات الجمركية وحدها. بل إن زيادة الضغط من دون خريطة طريق دبلوماسية أو قانونية واضحة قد تعكس اتجاه التقدم المحرز.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
*نائب مساعد وزير الشؤون الدولية
لمكافحة المخدرات في إدارة بايدن