أحيت الإمارات في التاسع عشر من رمضان ذكرى رحيل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، تخليداً لمسيرته كقائد أفنى حياته في خدمة الإنسانية، وجعل من العطاء نهجاً أصيلاً في عمله، كما حرص على ترسيخ استدامة العمل الإنساني، ليظل هذا الإرث منارة للأجيال القادمة.
ولأن الشيخ زايد أصبح رمزاً عالمياً للعطاء، فقد أطلقت القيادة الرشيدة على ذكرى رحيله اسم «يوم زايد للعمل الإنساني»، تعزيزاً لإرثه الملهم في مد يد العون للمحتاجين، وتسليطاً للضوء على جهوده الحثيثة في نشر الخير والتسامح حول العالم.
لقد أسّس الشيخ زايد مدرسة رائدة في العمل الإنساني تقوم على قيم العطاء والتضامن والتآخي، فغدت الإمارات بفضل نهجه في طليعة الدول، التي تبنت العمل الخيري. وسجل التاريخ كيف نجحت رؤيته الإنسانية في جعل الإمارات نموذجاً يُحتذى به في دعم المحتاجين وتعزيز مساعي السلام الدولي، حتى أصبح العمل الخيري نهجاً مؤسسياً راسخاً في الإمارات، تتبناه أكثر من 43 هيئة ومؤسسة إنسانية تقدم الإغاثة والمساعدات لكل من يحتاج إليها دون تمييز.
وتعكس هذه المناسبة قيم الخير والتسامح التي زرعها زايد في المجتمع الإماراتي، وهو الذي امتدت مبادراته النوعية لتخفيف معاناة الشعوب التي تعاني النزاعات والكوارث، وإدخال السعادة إلى قلوب الفقراء والمحتاجين، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو عرقية أو دينية.
ويجسّد الاحتفاء بيوم زايد للعمل الإنساني التزام أبناء الإمارات بمواصلة نهج الوالد المؤسّس، حتى باتت الدولة من أكبر المانحين الدوليين للمساعدات الإنسانية والإغاثية وفق تقارير المنظمات العالمية.
وما يعزّز استمرار هذا النهج المبارك أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يواصل المسيرة بجهود حثيثة، حيث أطلق العام الماضي مبادرة «إرث زايد الإنساني»، مدعومة بميزانية قدرها 20 مليار درهم، بهدف توسيع نطاق العمل الخيري في المجتمعات الأكثر احتياجاً حول العالم. كما أنشأ سموه مؤسسة تحمل اسم المبادرة لتعزيز رسالة الدولة في العطاء وصون كرامة الإنسان.
وفي السياق ذاته، أصدر سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، قراراً بإنشاء «مؤسسة محمد بن زايد للأثر الإنساني» لتتولى تنفيذ المشاريع التنموية في مجالات الصحة العالمية وغيرها، حيث تخطط للوصول إلى أكثر من 500 مليون شخص في أكثر من 50 دولة، مما يعكس الدور الريادي للإمارات في تحسين جودة الحياة وتعزيز الاستقرار في المجتمعات المحتاجة.
إن هذه الجهود تصب جميعها في اتجاه واحد، وتؤكد إصرار «عيال زايد» على مواصلة المسيرة الإنسانية، وتعزيز ثقافة العطاء محلياً وعالمياً، بما يضمن الاستجابة السريعة للحالات الطارئة ودعم المجتمعات المتضررة بفعالية.
لقد خلّد الشيخ زايد اسمه في وجدان البشرية بفضل مساندته الشعوب المحتاجة، وهو في ذلك لم يفرّق بين أحد، ولم يبنِ سياسة العطاء على أساسي تمييزي، ولهذا ترك بصماته في كل بقعة من العالم، حتى أصبح اسمه مرادفاً للخير والرحمة والإنسانية.
وبرغم مرور السنوات على رحيله، فإن إرثه مازال حياً في قلوب الملايين شرقاً وغرباً بفضل مآثره الخالدة ونهجه الفريد في نصرة الضعفاء وإغاثة المحتاجين.
وفي ظل ما يشهده العالم اليوم من صراعات وتحديات، تزداد حاجتنا إلى التعلم من حكمة زايد ونهجه الملهم، فالاحتفاء بيوم زايد للعمل الإنساني ليس مجرد ذكرى، بل هو تأكيد على استمرار مسيرته الخيّرة، وإبراز لما يحمله أبناء الإمارات من حب ووفاء لقائد سيظل أيقونة للعطاء ورائداً للعمل الإنساني عالمياً.