تشارك الإمارات دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للمياه (22 مارس) والذي يركز هذا العام على موضوع الحفاظ على الأنهار الجليدية، والحد من مسببات ذوبانها وأهمها ظاهرة تغير المناخ، كما يؤكد على الحاجة إلى إدارة المياه بشكل أكثر استدامة.
وكما هو نهج دولة الإمارات في مواجهة التحديات التي فرضتها عليها طبيعتها الجغرافية في ظل مناخها الصحراوي ووجودها في منطقة تعاني الجفاف والندرة بالموارد المائية، والتي يفاقمها مخاطر تغير المناخ، فقد كانت الدولة رائدة في الإدارة المستدامة للمياه عالمياً، حيث تبنت نهجاً استباقياً متعدد الأوجه للتعاطي مع تحديات محدودية المياه، ووضع استراتيجيات لتأمين المياه وتنمية مصادرها، مثل تقنيات تحلية مياه البحر، والاستمطار، وتبنِّي سياسات ترشيد الاستهلاك. كما أولت الدولة مشاريع السدود وتجميع مياه الأمطار اهتماماً كبيراً، من أجل المحافظة على المياه والحماية من الفيضانات ومخاطر الانجراف، إضافة إلى تحسين نوعية وكمية المياه الجوفية.
وقد أطلقت الدولة استراتيجية الأمن المائي 2036 بهدف ضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى، حيث تمت صياغتها من منظور وطني شامل لعناصر سلسلة الإمداد المائي بالدولة بمشاركة جميع الهيئات والجهات المعنية، بما يسهم في تحقيق رخاء وازدهار المجتمع واستدامة نمو الاقتصاد الوطني وتلبية احتياجات السكان في ظل نمو مستمر وتوسع أفقي للمراكز الحضرية. وتركز أبرز مستهدفات الاستراتيجية على الإدارة المتكاملة لموارد المياه، عبر خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21%، وزيادة مؤشر إنتاجية المياه إلى 110 دولارات لكل متر مكعب، وتحسين تصنيف الدولة في مؤشر ندرة المياه، وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، وتوفير سعة تخزين لمدة يومي تخزين للحالات العادية في النظام المائي.
وإدراكاً منها لأهمية ترشيد استهلاك المياه، اتخذت دولة الإمارات تدابير جادة للحفاظ على المياه في مختلف القطاعات، والعمل على تحسين استخدامها من دون التأثير على النمو الاقتصادي، أو نوعية الحياة، حيث شملت تدابير متنوعة مثل اعتماد أنظمة الري الذكية في الزراعة، وتعزيز ممارسات توفير المياه في المنازل، ومختلف الصناعات. كما أطلقت الدولة البرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه، حيث ضم ثلاثة محاور رئيسة هي: الطاقة، والمياه، وترشيد الاستهلاك. وتضمن محور المياه مبادرات عدة لخفض استهلاك المياه في قطاعي الزراعة والمباني، ورفع كفاءة استهلاك المياه وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة، كما ضم محور ترشيد الاستهلاك خطة توعوية متكاملة لرفع وعي أفراد المجتمع في مجال ترشيد الاستهلاك ليصبح سلوكاً يومياً. وتماشياً مع التزامها بالاستدامة وتخفيض بصمتها الكربونية، فقد استخدمت الدولة مصادر الطاقة المتجددة في إدارة المياه، مثل محطات تحلية مياه البحر، ومرافق معالجة مياه الصرف الصحي.
وانطلاقًا من دورها الفاعل في مد جسور الترابط الإقليمي والعالمي، لا تدخر الدولة جهداً في تعزيز نطاق التعاون الدولي ودعم بناء القدرات بالدول النامية في الأنشطة والبرامج المتعلقة بالمياه، بما في ذلك جمع المياه، وإزالة ملوحتها، وكفاءة استخدامها، ومعالجتها. ويجسد ذلك إطلاق الدولة «مبادرة محمد بن زايد للماء» لمواجهة التحدي العالمي العاجل المتمثل في ندرة الماء، مستهدفة تعزيز الوعي، وتسريع تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لمعالجتها، إضافة إلى اختبار فاعلية هذه الحلول لمواجهة هذا التحدي العالمي المتفاقم. كما أطلقت الدولة مبادرة «سُقيا الإمارات»، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب للمحتاجين والمنكوبين والمحرومين حول العالم، والمساهمة في إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة لقضية شح المياه.
كما أُطلقت «جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه» لدعم المشاريع والأبحاث المبتكرة لإيجاد حلول دائمة لمشكلة شح المياه حول العالم، بتشجيع الشركات الرائدة ومراكز البحوث والمؤسسات والمبتكرين في أرجاء العالم كافة على التنافس حول إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة لمشكلة المياه باستخدام الطاقة الشمسية.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.