إذا كان قادة الاتحاد الأوروبي يرغبون في تحقيق التحول الأخضر في الزراعة، فإن «جوناس واببلر» هو بالضبط نوع المزارعين الذين يحتاجون إلى دعمهم. بصفته الرئيس التنفيذي لمزرعة كبيرة لزراعة المحاصيل وإنتاج الألبان تمتدّ عبر ولايتي ساكسونيا وتورينجن الألمانيتين، يمكن أن يكون له تأثير كبير. ولأنه يبلغ من العمر 27 عاماً، فإنه صغير بما يكفي ليرى النتائج في حياته.
لكن بدلاً من ذلك، جعلته الإصلاحات البيئية الزراعية واسعة النطاق للاتحاد الأوروبي معارضاً لها. يقول واببلر: «إنها مجرد عملية تلميع بيئي. إنهم يمارسون السياسة على حساب المزارعين».
يعتمد واببلر في معيشته على الأرض، وقد شهد بنفسه كيف أثرت تغيرات المناخ سلباً على المحاصيل. فهو يتبع نظام تدوير المحاصيل، ويستخدم الأسمدة العضوية، ويوظف تقنيات الزراعة الدقيقة للحد من استخدام المواد الكيميائية الضارة. ومع ذلك، يقول إن الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي وسياسة الزراعة المشتركة المرتبطة بها، والتي تهدف إلى إعادة توجيه الإعانات الزراعية كمكافآت للممارسات الصديقة للبيئة، قد أدت إلى بيروقراطية متزايدة دون فوائد ملموسة.
على سبيل المثال، يتطلب الحصول على الإعانة في ساكسونيا قائمة متزايدة من الشروط، بما في ذلك توثيق تفصيلي لكل شيء، من رش المحاصيل إلى محتوى العلف الحيواني. أما «البرامج البيئية» الاختيارية - التي تهدف إلى الحفاظ على الأراضي العشبية أو الغابات - فتفرض شروطاً إضافية مع عوائد غير مضمونة. كما أن تغييرات القواعد التي تحركها السياسة تجعل التخطيط أمراً غير مضمون: فقد أنفق واببلر 100000 يورو على معدات الحرث استعداداً لحظر استخدام مبيدات الأعشاب، قبل أن يقوم المسؤولون في بروكسل بإلغاء الحظر لاحقاً.
قد يكون كل هذا الإزعاج مبرراً إذا كان يساهم في إنقاذ الكوكب، لكنه ليس كذلك. فقد أظهر تدقيق أجرته مؤخراً جهات في الاتحاد الأوروبي أن الخطط البيئية الزراعية للدول الأعضاء لن تحقق تعهدات الاتحاد بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55% بحلول عام 2030. كما أن احتجاجات المزارعين الغاضبة تمنح زخماً للمعارضين السياسيين، مما يعيق قادة الاتحاد الأوروبي الوسطيين، حتى في ظل تأييد غالبية الأوروبيين لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمكافحة تغير المناخ.
الحل بالنسبة للاتحاد الأوروبي يتمثل في تقليل التدخل. ليس من الضروري أن يغيّر الاتحاد الأوروبي أساليب جميع مزارعه البالغ عددها 9 ملايين مرة واحدة. وبدلاً من ذلك، يمكنه استهداف المزارع الكبيرة والفعّالة مثل مزرعة واببلر. فالمزارع التي تحقق أكثر من 100000 يورو من الإيرادات السنوية تشكل 7% فقط من إجمالي عدد المزارع، لكنها مسؤولة عن 76% من الإنتاج الزراعي في الاتحاد الأوروبي. ومن خلال كسب تعاونها، يمكن للمسؤولين تحقيق أكبر تأثير بأقل قدر من الاضطراب السياسي والإداري.
كيف يمكن إقناع هذه المزارع؟
أولاً، تحسين الأجور. يُطلب من المزارعين تصحيح الأضرار البيئية التي تسبّب فيها أحياناً أسلافهم. لكن المدفوعات الحالية للبرامج البيئية غالباً ما تكون غير كافية لتغطية التكاليف. يجب أن يكون التعويض موثوقاً وكافياً ليحل محل الإعانات التقليدية، ويضمن مشاركة واسعة - بل وربما يشجع بعض المزارع على التخصص في الخدمات البيئية، مثل احتجاز الكربون.
ثانياً، تحسين القواعد. قد يؤدي النهج المفرط في التفصيل إلى نتائج عكسية. من الأفضل وضع أهداف محددة - مثل تعزيز التنوع البيولوجي أو تقليل التآكل - ومنح المزارعين حرية اختيار الطريقة التي يحققون بها هذه الأهداف. في هولندا، على سبيل المثال، يمكن للمزارعين اختيار مزيج من التدابير البيئية لتحقيق تصنيف برونزي أو فضي أو ذهبي، مع تقديم تقديرات مسبقة للمكافآت المرتبطة بكل مستوى.
ثالثاً، تقليل الأعباء الإدارية. يضطر المزارعون غالباً إلى تقديم نفس المعلومات بتنسيقات مختلفة لجهات متعددة. على سبيل المثال، كان على واببلر التعامل مع بوابة ساكسونيا المليئة بالمشاكل، بالإضافة إلى نظام تورينجن المنفصل. يمكن أن يساعد توحيد إجراءات التقارير وتقليل تغييرات القواعد في تخفيف هذا العبء وتجنب المفاجآت غير السارة.
بغض النظر عن مدى جودة تصميم القواعد الزراعية في الاتحاد الأوروبي، ستظل العديد من المزارع الصغيرة تواجه صعوبات. فمنح الدعم للمزارع غير القادرة على الامتثال للمتطلبات البيئية ليس حلاً مستداماً. لكن قطع الدعم عنها تماماً قد يكون كارثياً اجتماعياً وسياسياً.
*صحفي متخصّص في التمويل العالمي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آندسينديكيشن»