في إطار جهود دولة الإمارات العربية المتحدة المستمرة لتعزيز الاستقرار والتعايش المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي، جاء انعقاد الدورة الثانية من «المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح»، تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وذلك خلال الفترة من 19- 21 فبراير 2025.
ويحظى هذا المؤتمر السنوي بأهمية كبيرة بالنظر إلى كونه منصة رئيسية لتعزيز الحوار العالمي بشأن قيم التعايش المشترك، وهو يجمع نخبة متميزة من الأوساط الأكاديمية، والسياسية، بهدف معالجة القضايا الرئيسية المتعلقة بالحوار الحضاري من أجل إرساء التفاهم والتعاون بين الأمم والشعوب المختلفة على النحو الذي يعزز من قيم الأخوة الإنسانية والاستقرار.
وقد عُقدت هذه الدورة تحت شعار «تمكين الشباب من أجل مستقبل متسامح»، وذلك بتنظيم من مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، التابع لمؤسسة الإمارات للعلوم والبحوث، بالشراكة مع وزارة التسامح والتعايش، وبدعم من مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض التابع لدائرة السياحة والثقافة في أبوظبي. وتمحور هدفها الجوهري حول تعزيز قدرات الشباب على المساهمة في تشكيل مستقبل قائم على التفاهم والتعايش والتناغم بين الشعوب، وذلك من خلال توفير الأدوات والرؤى التي تمكنهم من تحقيق ذلك.
وأكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، أن الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً يشكلون أكثر من نصف عدد السكان في دولة الإمارات، وأن خطط الدولة تعتمد على التعاون بين الجهات المعنية كافة، من الأسر والمدارس والقطاعين الحكومي والخاص، لضمان إعداد الشباب للمستقبل بنجاح، وأضاف معاليه أن البحث العلمي في مجال التسامح يشكل حجر الأساس في وضع مبادرات فعالة تعزز القيم الإنسانية وتؤثر إيجابياً في الأفراد والمجتمعات، مشدداً على دور المشاركين في المؤتمر في إثراء الوعي المحلي والإقليمي والعالمي حول التسامح والأخوة الإنسانية، وإسهاماتهما الكبيرة في تشكيل مستقبل المجتمعات البشرية. وقد حظيت هذه الدورة بأهمية كبيرة بالنظر إلى عاملين أساسيين: الأول، أنها كانت فرصة مهمة لتقديم رؤى متنوعة حول تأثير تمكين الشباب في تعزيز التسامح، مع مواضيع تشمل التبادل الثقافي، ودور التعليم في تعزيز التعايش، وأهمية تبني التنوع الثقافي لبناء مجتمعات متماسكة.
والعامل الثاني هو المشاركة الكثيفة في فعالياتها المختلفة، حيث شارك فيها أكثر من 100 من المتحدثين الدوليين و5000 مشارك من ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، والهيئات الحكومية، والأكاديميين، من أكثر من 70 دولة حول العالم، حيث ناقشوا نحو 200 ورقة بحثية تناولت التسامح والتعايش من مختلف جوانبهما.
وقد جسدت الدورة الثانية للمؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح الأهمية الكبيرة التي يحظى بها قطاع الشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة والجهود المتواصلة لتعزيز تمكينهم في المجالات المختلفة، وعلى رأسها مجال التسامح الذي يتمتع بأولوية كبيرة في الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، حيث ركزت هذه الدورة على تمكين الشباب لقيادة مبادرات التسامح التي يمكن أن تشكل هياكل اجتماعية شاملة، وهو ما ينسجم مع التزام الإمارات برعاية قادة شباب يركزون على الاحترام المتبادل والتفاهم.وعلى صعيد آخر، فقد جسدت المشاركة الدولية الواسعة في فعاليات الدورة الثانية للمؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح، حرص وزارة التسامح والتعايش على تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية من أجل تحقيق الأهداف السامية التي تأسست من أجلها، والمساهمة في نشر قيم التسامح والتعاون والتقارب في ظل عالم يعاني الكثير من أسباب الصراع بسبب غياب أو ضعف هذه القيم، التي تمثل الأساس المتين للاستقرار والأخوة الإنسانية.
وفي جميع الأحوال، فإن ما يمكن التأكيد عليه هو أن انعقاد المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح للمرة الثانية في أبوظبي، يبرز حقيقة أن دولة الإمارات قد أصبحت عاصمة عالمية للتسامح والأخوة الإنسانية، ونموذجاً لتعزيز ثقافة التعايش السلمي والحوار حول العالم.
* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.