ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالمزيد من التعليقات الإيجابية المتواصلة قبل أيام، حول مقابلة مع قناة C.N.N أجراها صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، حيث حل ضيفاً في أحد برامج الشبكة التليفزيونية الأميركية، ليجيب عن استفسار يتعلق بموقف المملكة العربية السعودية تجاه قضية فلسطين، على ضوء التصعيد الراهن الذي بدأ منذ ما يزيد على 15 شهراً في قطاع غزة، وأيضاً بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تركي الفيصل وهو المتحدث اللبق البارع باللغة الإنجليزية علق في مداخلته مدافعاً عن القضايا العربية ببسالة، وفي مقدمتها فلسطين، وظهر يرتدي الزي العربي، لكن الملفت أنه ارتدى (الكوفية) الفلسطينية، وهو الشماغ المرقط (الأسود والأبيض)، الذي يرمز للهوية الفلسطينية والزي الشعبي الفلسطيني المعروف، وهي رسالة ذكية وواضحة. وقد استهل وأسهب في الدفاع عن الفلسطينيين وحقوقهم المسلوبة وخاصة قضية قطاع غزة، بعد تعرض سكانه لشهور متواصلة من التدمير والتهجير بقوة السلاح من قبل قوات الإحتلال.
الفيصل وصف الشعب الفلسطيني بأنه هو من يقرر من يحكمه ويتولى أمره ومصيره ومستقبله، ولايرضى بإملاءات من الخارج. وحول تصريح الرئيس ترامب الذي قال فيه «سنستلم مدينة غزة من الإسرائيليين ونتولى شأنها»!، علق الأمير الفيصل بأن تصريح ترامب غير قابل للاستيعاب، ومن نهج الخيال أن نعتقد أن التطهير العرقي يحصل في القرن الحادي والعشرين، وكيف يتسامح مجتمع عالمي متحضر مع هذة اللغة.
وقد فند فيصل ما طرحته مقدمة البرنامج بالحجج والبراهين والوقائع، مستخدماً لغة واضحة واسترسالاً عميقاً لقضية عادلة طال انتظار حلها، مما جعل المغردين يثنون على لقاء الأمير تركي الفيصل، الذي رد بقوة على التصريحات الأميركية وفند ما يصدر من مزاعم وإفتراءات، ضمن مساهمة جيدة بمحطة تليفزيونية أميركية، تعبر عن الموقف العربي بوضوح أمام الجمهور الغربي، من خلال نافذة حوارية باللغة الإنجليزية. بعضهم اعتبر أن تصريح الفيصل غير مستغرب فهو ابن الملك السعودي الراحل فيصل بن عبدالعزيز، الذي تبنى قضية فلسطين ودافع عنها بقوة وشجاعة حتى رحيله، وهو موقف راسخ لدى المملكة العربية السعودية، ولذلك أتت تصريحات تركي الفيصل لتؤكد موقف المملكة الثابت الذي لا يتغير، موقف داعم لحق الأشقاء الفلسطينيين في تقرير مصيرهم والتمسك بأرضهم، الذين ذاقوا مرارة النزوح والتشرد وتدهور الخدمات الأساسية من القتل والتهجير والنزوح من بلادهم ووطنهم.وتحدث الأمير السفير السعودي الأسبق في أميركا وبريطانيا، مع مذيعة شبكة CNN، كريستيان أمانبور، حول ما إذا كان يرى أنه من الممكن إقامة علاقات مع إسرائيل بعد خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن السيطرة على قطاع غزة. وأجاب الفيصل قائلاً: «لا.. على الإطلاق.. لم يحدث هذا، وقد أصدرت وزارة خارجيتنا، بياناً يرفض ما صدر عن واشنطن في الأيام الأخيرة، وكان هذا موقف المملكة العربية السعودية الثابت منذ البداية».
وتحدث تركي الفيصل حول ما يتوقع حدوثه بعد تصريحات ترامب، بشأن «السيطرة على قطاع غزة»، وقال: «أنا لست في الحكومة، لذا لا أعرف ما الذي ستقترحه حكومتي، لكنني أتوقع أن يكون هناك عمل جماعي من جانب العالم العربي، بل والعالم الإسلامي أيضاً جنباً إلى جنب مع الأوروبيين والدول الأخرى المنصفه التي تؤمن بحل الدولتين لتولي هذه المسألة، ويمكن الذهاب إلى الأمم المتحدة، أعني أن هذه هي الساحة الوحيدة حيث يمكن مناقشة مثل هذه الأمور الدولية وحلها حلاً عادلاً».
*كاتب سعودي