دعماً للحضور والمصالح الإماراتية بالقارة الأفريقية، وتكثيفاً لأطر ومظاهر التعاون النوعي في المجالات التي تخدم المصالح الاستراتيجية الإماراتية بالقارة، شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ونظيره الكيني ويليام روتو، يوم الـ14 من يناير الجاري، توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وكينيا، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الدولتين، إلى جانب تحسين إمكانية الوصول إلى الأسواق في منطقتي الشرق الأوسط وشرق أفريقيا.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بهذه المناسبة، أن الاتفاقية تؤكد التزام دولة الإمارات بتعزيز الروابط الاقتصادية وتوسيع شراكاتها التنموية مع القارة الأفريقية، بالإضافة إلى إيجاد فرص جديدة للتعاون بين البلدين، وأن الاتفاقية تُسهم في تعزيز التجارة والاستثمار وتدعم الابتكار والنمو المستدام في الدولتين بقطاعات مهمة، على رأسها الزراعة والصحة والخدمات المالية والتكنولوجية والسياسية.
ومن جانبه، اعتبر الرئيس الكيني أن الاتفاقية تسهم في تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الطرفين، وتُعد نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية، التي ستعود بالفائدة على المصالح والأهداف التنموية الكينية، خاصةً مع كثافة التطلعات للاستفادة من الخبرات والتفاهمات البينية لدعم الأهمية النوعية لتعاون يخدم المصالح الشعبية في كينيا.
وتمر العلاقات الإماراتية الكينية بمراحل نوعية من التطورات المتلاحقة، حيث شهد التعاون البيني نمواً مستمراً، أفضى إلى تجاوز التجارة البينية غير النفطية 3.1 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، بنمو قياسي بلغ 29.1% مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2023. فيما شهد اقتصاد كينيا، وهو أحد أبرز الاقتصادات الواعدة في أفريقيا، تسارعاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 4.8% في عام 2022 إلى ما يقدر بـ5% في عام 2023، ومن المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً يتراوح بين 4.5% و5.2% خلال عام 2025.
وإلى جانب قطاعات أخرى، يوفر قطاع الخدمات، الذي يمثل 53.6% من الناتج المحلي الإجمالي في كينيا، وقطاع الزراعة، الذي يشكّل حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي الوطني، إمكانات كبيرة للشركات الإماراتية التي تتطلع إلى التوسع في المنطقة. كما ستعمل الاتفاقية على تسريع تدفقات الاستثمار في القطاعات ذات الإمكانات العالية مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المصرفية والسياحة والبنية التحتية والطاقة المتجددة.
ويستهدف برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة لدولة الإمارات توسيع شبكة الشركاء التجاريين والاستثماريين للدولة حول العالم، بهدف تحقيق المستهدفات الوطنية في الوصول بالتجارة الإماراتية غير النفطية إلى أربعة تريليونات درهم، وبصادرات الدولة من السلع إلى 800 مليار درهم بحلول عام 2031.
وقد يشجع برنامج التعاون الإماراتي الكيني دولاً أخرى بالقارة الأفريقية على تكثيف التعاون مع دولة الإمارات، بالنظر للأهمية المتنامية للحضور الإماراتي في القارة، وتعاظُم الدور الاستثماري والتجاري والإنساني للمؤسسات الإماراتية في أفريقيا، بشكل يرسّخ الصورة الذهنية الوطنية لدولة الإمارات في العقل الجمعي الأفريقي، ويخلق مساحات إضافية واسعة من القبول الشعبي للحضور والمشاريع الإماراتية، في القارة بشكل عام، وفي شرق أفريقيا والقرن الأفريقي بشكل خاص.
وتمر القارة الأفريقية بمرحلة من الانفتاح على تنويع الشراكات، والخروج عن تلك الأُطر التقليدية التي لم تُفضِ إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحكومات والشعوب، لمصلحة شراكات ترى فيها دول القارة مصلحة نوعية، وتراعي من خلالها الخصوصية الأفريقية، خاصة أنها شراكة قائمة على احترام السيادة وعدم وجود إملاءات، مع مراعاة الخصوصية الأفريقية، وهو ما يميّز الشراكة مع دولة الإمارات التي تعطي أولوية لقضايا القارة، وتسعى إلى تكريس حضورها ودورها عبر تعاون سياسي ودبلوماسي واقتصادي واجتماعي وتنموي يسهم في رفع مستوى الأمن الإنساني والاجتماعي لشعوب القارة الأفريقية، ويشكّل أحد ممكنات تطوير التنمية المستدامة الجماعية بالقارة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية