جاءت زيارة فخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي شهد خلالها «مسيرة الاتحاد» لأبناء القبائل التي أقيمت بمناسبة عيد الاتحاد الـ 53، لتؤكد عمق العلاقات الإماراتية الموريتانية، التي تشكل نموذجاً للتكامل بين الدول الشقيقة، ولتعكس المستوى المتميز لهذه العلاقات، والتي تمتد لتشمل مجالات عديدة للتعاون والتنسيق المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتمتد علاقات دولة الإمارات وموريتانيا على مدى نحو نصف قرن، وكانت الزيارة التي قام بها القائد المؤسس لدولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى موريتانيا منتصف سبعينيات القرن الماضي، باكورة مسيرة ممتدة من التواصل بين الدولتين والشعبين، وهي مسيرة عززتها المشتركات الدينية والحضارية للشعبين، وقوّت لحمتها الروابط الاقتصادية والسياسية التي ظلت حاضرة على الدوام، ولم تؤثر فيها المتغيرات السياسية التي ألمت بالعالم العربي في فترات مختلفة.
وتأكيداً لأهمية هذه العلاقة، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إن «ما يجمع بلدينا تاريخ طويل من العلاقات الأخوية المتينة»، ويضيف سموه: «أمامنا فرص عديدة ومتنوعة لتعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون في مختلف المجالات والتشاور في قضايا المنطقة ومستجداتها»، ليعكس ذلك جملة من المعطيات الأساسية التي تميز صلات الود والأخوة بين الدولتين.
يشار إلى أن الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، قام بزيارة دولة للإمارات العربية المتحدة في يناير 2020، في أول زيارة دولة يقوم بها منذ انتخابه رئيساً للجمهورية الإسلامية الموريتانية، ليُظهر اختيارُه دولة الإمارات العربية بوضوح اهتمامَه بالعلاقات التاريخية بين الدولتين، وحرصه على إعطائها الزخم اللائق بها مع بداية مشواره الرئاسي، وهي العلاقات التي تتميز بالروابط الأخوية الوثيقة، وكونها علاقات تقوم على مبدأ المصالح المشتركة والتعاون في كل المجالات.
ومن منطلق العلاقات المتميزة بين الدولتين، أعلن الجانبان في كثير من المناسبات تطابق وجهات النظر والمواقف بينهما في العديد من القضايا العربية والإقليمية والدولية، خاصة مكافحة الإرهاب والتطرف والجهات التي تعمل على تقويض الأمن والاستقرار. وتجلّى تميز وتطور هذه العلاقات في تبادل نشط لزيارات كبار المسؤولين، وتنسيق المواقف السياسية، وتوقيع اتفاقيتين مُهمتين حول منع الازدواج الضريبي وتشجيع الاستثمار، إضافة إلى ما تحقق من تعاون مُثمر في مجالات حيوية.
ويمثّل مجال الطاقة جانباً مهماً من مجالات التعاون بين الدولتين، وكان من أبرز ما تحقق في هذا المجال تأسيس محطة الشيخ زايد للطاقة في موريتانيا، وهي هبة مجانية قُدِّمت للشعب الموريتاني الشقيق. كما شمل الدعم الإماراتي مجال الصحة، حيث تمت توسعة وتأهيل وتجهيز مستشفى الشيخ زايد في نواكشوط، إضافة إلى الشروع في بناء مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة بالمستشفى نفسه.
وفي المجال الاقتصادي تتجسد الروابط الاقتصادية بين الدولتين في كثير من المشاريع التي أسهمت المؤسسات الاقتصادية والخيرية الإماراتية في إنجازها في موريتانيا، خاصة مؤسسة زايد الخيرية وصندوق أبوظبي للتنمية، من خلال تقديم القروض الميسرة والمنح والمساعدات السخية والتدخل في الحالات الإنسانية الطارئة، حيث تسهم الإمارات من خلال قرض بـ 110 ملايين دولار أميركي من صندوق أبوظبي للتنمية في بناء الطريق الاستراتيجي الذي يربط بين بعض المدن الشرقية في موريتانيا، وصولاً إلى الحدود المشتركة مع جمهورية مالي المجاورة.
وتقوم كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والهيئات الخيرية الإماراتية المتعددة، بنشاط إنساني وخيري متعدد ومقدَّر في موريتانيا.
إن العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وشقيقتها الجمهورية الإسلامية الموريتانية، هي مثال للعلاقة الأخوية القائمة على الاحترام والتعاون والتواصل، وهي علاقة بين شعبين شقيقين ينتميان إلى أمة واحدة، وتربطهما أواصر المصير المشترك، ويوحدهما الدين والروابط التاريخية والمصالح المشتركة وتطابق وجهات النظر إقليمياً ودولياً.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية