حرصت القيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة - منذ قيامها - على بناء مجتمع قوي قادر على مواجهة التحديات، وصون مقدرات الدولة، وتُعدُّ الخدمة الوطنية أحد أبعاد رؤيتها الاستراتيجية، التي تشكل حجر الزاوية في تعزيز قدرة الوطن على حماية نفسه، والحفاظ على أمنه واستقراره. والخدمة الوطنية جزء جوهري من استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز قوتها الدفاعية، وتندرج في سياق رؤية القيادة الرشيدة التي تهدف إلى إعداد الشباب ليكونوا مؤهلين للتعامل مع مختلف المتغيرات الإقليمية والدولية، فبينما تمثل التحديات العالمية، والمستجدات الأمنية، أفقاً واسعاً من التغييرات المتسارعة، يتعيَّن على كل دولة أن تضمن قدرة قواتها المسلحة والأمنية على مواجهة هذه التحديات بفاعلية.
وتركِّز دولة الإمارات - عن طريق تبنِّي الخدمة الوطنية - على إكساب شبابها مهارات قتالية وعسكرية، إضافةً إلى تدريبهم على الانضباط، وتقدير المسؤولية. ولا تقتصر هذه المهارات على مجالات الدفاع فقط، بل تمتد لتشمل أيضاً القدرة على اتخاذ القرارات السريعة تحت الضغط، والعمل الجماعي في ظل ظروف متغيرة، وهو ما يعزز قدرة المجتمع على الصمود في وجه أي تحدٍّ.
وكذلك تسهم الخدمة الوطنية في بناء قوة بشرية مدرَّبة ومؤهَّلة، ليس للعمل في القوات المسلحة فقط، ولكن كذلك في مؤسسات الأمن الداخلي، والمؤسسات الأخرى التي تؤدي دوراً محوريّاً في استقرار الدولة، فالمجتمع الإماراتي كله يعتمد على مبدأ التعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية في تحقيق أمنيه الداخلي والخارجي، وتُعدُّ الخدمة الوطنية الرافد الرئيسي لتوسيع قاعدة هذا التعاون.
وبرغم الأثر الإيجابي البالغ للخدمة الوطنية، فإن هناك تحديات يجب التعامل معها لضمان استدامة نجاح هذه الخدمة، من أبرزها مواكبة التطورات التكنولوجية التي تتطلب دمجاً بين عمليات التدريب والتأهيل، وأحدث التقنيات المستخدمة في القطاعين العسكري والأمني، مثل نظم الذكاء الاصطناعي، والأنظمة الحديثة المتطورة في المراقبة والتتبُّع الأمني، فضلاً عن التكتيكات الأمنية المتقدمة.
ويتيح تكييف برامج الخدمة الوطنية مع هذه التغيرات لدولة الإمارات مواصلة تعزيز قدرات قواتها المسلحة، وأجهزتها الأمنية، ما يضمن لها البقاء في طليعة الدول القادرة على حماية أمنها واستقرارها.
وفي الختام يجب إدراك أن الخدمة الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة ليست خدمة عسكرية فقط، بل هي أيضاً استثمار حقيقي في بناء القوة البشرية التي تمثل أساس قوة الدولة في مختلف المجالات، وبهذه الخدمة يستطيع الشباب الإماراتيون الحفاظ على استقرار الوطن، وحمايته من أي تحديات محتملة، سواء كانت داخلية، أو خارجية، كما أنها بمنزلة الأداة التي تحقق التلاحم الوطني، وتعزز الهوية الإماراتية، ما يجعل دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. وإننا في شرطة دبي نؤمن بأن خدمة الوطن هي شرف ومسؤولية، ونلتزم بدعم هذه المبادرة الوطنية التي تسهم في إعداد جيل من الشباب القادرين على مواجهة المستقبل بثقة وقوة، بما يضمن استمرار تقدُّم هذا الوطن الغالي، وازدهاره.
*القائد العام لشرطة دبي