يسعدني تقديم «قراءة دبلوماسية» لكتاب وزارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، الجزءان الأول والثاني، لمؤلفه الدكتور خالد أحمد محمد السويدي، وناشره نور حوران. صدر الكتاب في طبعته الأولى عام 2024، ويحتوي على 938 صفحة.
بدأ المؤلف في مقدمة الكتاب بالإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ تأسيسها عام 1971، تميزت بسياسة خارجية قائمة على الحكمة، وضرورة الحوار، واحترام المواثيق الدولية.
وتستمر الإمارات، اليوم، في تحقيق تحولات جذرية في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، بفضل الإنجازات الهائلة التي حققتها والانفتاح الواسع على العالم.
تعد وزارة الخارجية ركيزة أساسية من ركائز الاتحاد، حيث تمكنت الوزارة من تحقيق العديد من الإنجازات التي أسهمت في حماية مصالح الدولة ورعاياها في الخارج، والحفاظ على مواقف سياسية واضحة تُعزز علاقاتها مع الشركاء الإقليميين والدوليين. كما تعزز من مكانة الدولة ومبدأ الأمن والسلام، متخذةً من هذا المبدأ بعداً أساسياً لتطوير السياسات على الأصعدة الإنسانية والسياسية والاقتصادية.
وقد استلهمت الوزارة سياساتها من فكر وشيم وأخلاق حكام دولة الإمارات، الذين تأثروا بالدين الإسلامي بروحه السمحة وتعاليمه في الإخاء والمحبة، وفي مقدمتهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
كما نُشيد بكل تقدير وإجلال بالرعيل الأول من الدبلوماسيين، ومعهم إخوة من العرب الذين ساهموا في العمل بالوزارة، وأنجزوا أعمالاً جليلة، خصوصاً في مرحلة تأسيس الوزارة. وقد ساهم اهتمام معالي أحمد خليفة السويدي، وزير الخارجية، في جعل الوزارة الحاضنة الاتحادية الأولى، حيث وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأنه «عَلَمْ إماراتي، نفتخر به وبعظم ما قدمه لوطنه».
ومعالي أحمد خليفة السويدي، بالمعنى الوطني يُعَد «رجل دولة»، وقد عمل على ضم الشباب المتعلمين والخريجين الجدد والمثقفين، إلى وزارة الخارجية، لتشكيل فريق دبلوماسي متقدم.
في هذا السياق، سعى المؤلف إلى توثيق القوانين والمراسيم والقرارات الاتحادية، ذات الصلة بتأسيس مؤسسات الدولة، ووزارة الخارجية والوزارات الاتحادية الأخرى.. جعلت هذه السردية من كتاب وزارة الخارجية مرجعاً أكاديمياً لمنتسبي الوزارة والمختصين والباحثين في الشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية، مما أضاف قيمة معرفية لمكتبة وزارة الخارجية ومكتبة الإمارات وأرشيفها الوطني.
لقد تطور دور وزارة الخارجية بشكل ملحوظ في العقد الأخير، بعد إعادة هيكلتها وتأسيس أقسام جديدة وإطلاق مبادرات متميزة ضمن استراتيجية الوزارة 2011-2013 التي تركزت على الدور الاقتصادي والبيئة والمساعدات الإنسانية وخدمة المواطن. وقد تم اختيار سياسة الانفتاح النشط على العالم الخارجي.
يتضح لنا أن هذا التوسع في عمل الوزارة والتمثيل الدبلوماسي للإمارات في الخارج تطلب جهداً كبيراً. ومن المهم أن نُسجل بكل فخر واعتزاز أن وزارة الخارجية الإماراتية قدمت «تضحيات كبيرة من الشهداء الذين أدوا واجبهم الوطني بكل إخلاص وأمانة وتميز، وفدوا حياتهم لوطنهم الإمارات».
يستعرض الكتاب، أيضاً، أهم المحطات التي مرت بها وزارة الخارجية منذ نشأتها، ليتعرف القارئ والدبلوماسي على الأدوار الكبيرة التي تتحملها الوزارة وكوادرها في صنع القرار السياسي والدفاع عن مصالح الوطن، مما أكسب بلادنا الاحترام والتقدير، في مختلف المحافل الدولية.
ويؤكد المؤلف، كونه من أبناء هذه الوزارة (وزير مفوض)، أنه تقديراً لجهود الرعيل الأول المؤسس للوزارة، فقد سمى هذا الكتاب باسم «وزارة خارجية دولة الإمارات العربية التاريخ وصنع القرار».

*سفير سابق