يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تكف عن الانتهاك الصارخ للقانون فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، لأن «قانون المساعدة الخارجية» لعام 1961 و«قانون مراقبة تصدير الأسلحة» واضحان جداً: الولايات المتحدة لا يمكنها تقديم أسلحة إلى أي بلد ينتهك حقوق الإنسان المعترف بها دولياً. كما أن المادة 620 من قانون المساعدات الخارجية واضحة أيضاً، إذ تنص على أنه لا يجوز تقديم أي مساعدة أميركية لأي بلد «يحظر أو يقيّد بشكل مباشر أو غير مباشر نقل المساعدات الإنسانية الأميركية أو إيصالها».
ووفقاً للأمم المتحدة وجزء كبير من المجتمع الدولي وكل المنظمات الإنسانية الموجودة على الأرض في غزة، فإن إسرائيل تنتهك هذه القوانين بشكل واضح. ولهذا السبب قدمتُ وزملائي عدداً من القرارات المشتركة للرفض والتي من شأنها أن تمنع مبيعات الأسلحة الهجومية لإسرائيل. وسيتم التصويت على هذه القرارات في مجلس الشيوخ اليوم.
وكما قلتُ من قبلُ مرات عديدة، فإنه من الواضح أن إسرائيل كان لديها الحق في الرد على الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص بريء واحتجاز 250 رهينة، من بينهم أميركيون. غير أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتطرفة لم تشن حرباً على «حماس» فحسب، بل شنت حرباً شاملة على الشعب الفلسطيني. فمن أصل سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة فقط، قُتل أكثر من 43 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 103 آلاف آخرين - ربما 60 في المئة منهم من النساء والأطفال والمسنين. وقد خلص تقييم أجرته الأمم المتحدة مؤخراً لصور الأقمار الصناعية إلى أن ثلثي المباني في غزة قد تضررت أو دمرت. 
ويشمل ذلك 87 في المئة من المساكن، و84 في المئة من المنشآت الصحية، ونحو 70 في المئة من محطات المياه والصرف الصحي. كما تعرضت كل جامعة من جامعات غزة البالغ عددها 12 للقصف، وكذلك الحال بالنسبة لمئات المدارس.
وخلال العام الماضي، طُرد ملايين الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع في غزة من منازلهم، وأُجبروا على الإخلاء مراراً وتكراراً دون أن يحملوا معهم شيئاً عدا الملابس التي يرتدونها. وجُمِّعت العائلات في ما يسمى بالمناطق الآمنة، لتفاجَأ باستمرار القصف. وفي غضون ذلك، يعاني أطفال غزة من مستوى من الصدمات الجسدية والعاطفية يكاد يكون من المستحيل وصفه، صدمات ستلازمهم لبقية حياتهم.
وعلى الرغم من فظاعة الوضع في غزة خلال العام الماضي، فإنه يزداد سوءاً بشكل لا يمكن تصوره. إذ يفيد عمال الإغاثة الإنسانية في الميدان أن عشرات الآلاف من الأطفال يعانون من سوء التغذية والمجاعة بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية. والحاجة اليوم أكبر من أي وقت آخر من تاريخ هذا الصراع، ذلك أن حجم المساعدات التي دخلت إلى غزة في الأسابيع الأخيرة أقل من أي وقت مضى منذ بدء الحرب. كما أن قرار إسرائيل الأخير بحظر وكالة «الأونروا»، والتي تُعد بمثابة العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة، لن يزيد الوضع المروع إلا سوءاً. 
لقد التقيتُ بأطباء خدموا في غزة وعالجوا مئات المرضى يومياً من دون كهرباء أو تخدير أو مياه نظيفة، بما في ذلك عشرات الأطفال الذين يصلون مصابين بطلقات نارية في الرأس. ورأيتُ الصور ومقاطع الفيديو. وتقدِّر منظمة اليونيسف أن 10 أطفال يفقدون ساقاً في غزة كل يوم. وهناك أكثر من 17 ألف يتيم.
كل هذا شائن وغير أخلاقي. غير أن ما يجعله أكثر إيلاماً هو أن الكثير من هذا الموت والدمار نُفِّذ بأسلحة أميركية ودفع ثمنه دافعو الضرائب الأميركيون. فخلال العام الماضي فقط، قدّمت الولايات المتحدة ما قيمته 18 مليار دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل وسلّمتها أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية.
بعبارة أخرى، إننا متواطئون كأميركيين في هذه الفظائع المروعة والمنافية للقانون. ويجب أن ينتهي هذا التواطؤ.
أدركُ أن هناك من سيقول إن منع مبيعات الأسلحة الهجومية هذه لن يؤدي إلا إلى تشجيع منظمات إرهابية مثل «حماس» و«حزب الله»، وكذلك رعاتهم في إيران. ولكني أختلفُ معهم بكل احترام. فالمرء لا يكافح الإرهاب بفعالية عبر تجويع آلاف الأطفال الأبرياء. والمرء لا يكافح الإرهاب بفعالية عبر قصف المدارس والمستشفيات. والمرء لا يكافح الإرهاب بفعالية عبر تأليب العالم بأسره تقريباً ضد بلده.
مؤخراً، علّقت بريطانيا 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة بعد أن خلصت إلى وجود خطر غير مقبول في إمكانية استخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي. وقد خطت كل من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وكندا وبلجيكا وهولندا خطوات مماثلة. كما دعت هيئات تابعة للأمم المتحدة إلى وضع حد لشحنات الأسلحة التي تؤجج الصراع. 
لنكن واضحين: إن إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها، على غرار أي دولة أخرى، وهذه القرارات لن تعرّض هذا الدفاع للخطر. وبالمقابل، تستهدف القرارات التي تقدمنا بها على وجه التحديد الأسلحةَ الهجومية المسؤولة عن مقتل الآلاف من المدنيين.
فالشعب الأميركي ملّ وتعب، إذ يُظهر استطلاع رأي تلو الآخر أن غالبية الأميركيين يعارضون إرسال مزيد من الأسلحة والمساعدات العسكرية لتغذية آلة الحرب التي يقودها نتنياهو. ولهذا، علينا أن نستمع إلى الشعب الأميركي. وعلى الكونغرس أن يتحرك الآن لوقف مبيعات الأسلحة هذه.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»