ما يزيد على خمسة قرون من التغيرات الجيوسياسية شكلت المظهرَ الحالي لـ«الكبايا» في سنغافورة، وهي نوع من البلوزات المصممة بأكمام طويلة. داخل شقة صغيرة في الطابق الثاني، يقدم المصمم «ريموند وونغ» درساً موجزاً وسريعاً حول كيفية تأثير الاستعمار والتجارة والهجرة والاقتصاد على تطور الأقمشة والألوان وتصاميم التطريز في هذه الدولة المدينة الجزيزة، الواقعة في جنوب شرق آسيا عند الطرف الجنوبي من شبه جزيرة الملايو، والتي يفصلها عن ماليزيا مضيق جوهر، كما يفصلها عن جزر رياو الإندونيسية مضيق سنغافورة. لقد أصبحت سنغافورة مدينة عالمية تؤدي دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي، وهي رابع أهم مركز مالي في العالم، وميناؤها خامس ميناء من حيث النشاط، وعدد المناولات. 

يعمل «وونغ» على تحديث «الكبايا» كي تواكب القرن الحادي والعشرين، إذ يصممها بتطريزات معقدة تصور الأسماك والحشرات والزهور، وبعض الكائنات الأسطورية، مثل التنانين والعنقاء، على الياقة والأكمام وحافة البلوزة. ويُعد هذا التطريز سمةً مشتركةً مع أزياء «البيراناكان» الصينية الكلاسيكية.
و«البيراناكان» هم أحفاد المستوطنين الصينيين الذين عبروا مضيق «ملقا» في القرن الخامس عشر، واستقروا في جنوب شرق آسيا، وامتزجوا بالسكان المحليين. ويعني مصطلح «بيراناكان» باللغة الملاوية «المولود محلياً»، والكلمة ذاتها تطلق على إحدى اللغات الرسمية في سنغافورة، حيث تقوم الثقافة على مزيج من العناصر الصينية والملاوية والإندونيسية.. وتتجلى في الطعام والتصاميم والعمارة وغيرها. وتظهر علامات تراث البيراناكان بوضوح في مشاهد الحياة السنغافورية اليومية، مثل المنازل التجارية الملونة في أحياء المدينة، وأكشاك مراكز الطعام التي تقدّم طبقَ حساء «لاكسا» الحار. وقد ألهمت أنماط البيراناكان التقليدية المستلهمة من الطبيعة الحرفَ اليدوية السنغافورية، وفي مقدمتها تصاميم الملابس وتطريزها.
ويقدم «وونغ» قطعاً مميزة من «الكبايا» حسب طلبات زبائنه وأذواقهم. وقد سبق أن صنع شالاً تقليدياً لميشيل أوباما في عام 2016، كما تتوفر في متجره قطع جاهزة مثل السارونغ المصنوع من «الباتيك»، وقمصان «الكبايا» بأنماط مختلفة من التصاميم ذات الروح السنغافورية المميزة. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)