تتوالى التصريحات الإسرائيلية الداعية إلى أعادة فرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية، إذ نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأكيده في محادثات مغلقة على ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية لجدول أعمال حكومته، وذلك عند تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في العشرين من يناير المقبل. ووفقاً للهيئة فقد تتضمن الخطط الإسرائيلية خرائط مفصلة وأوامر لتوسيع المستوطنات وصياغةً لقرار حكومي.

وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، خلال اجتماع في الكنيست يوم الـ11 من نوفمبر الجاري قد رحب بفوز دونالد ترامب، معتبراً ذلك فرصةً لضم الضفة الغربية. وقال سموتريتش إن «عام 2025 سيكون عام السيادة على يهودا والسامرة (الضفة الغربية)»، وإن «التعليمات صدرت لمديرية الاستيطان في وزارة الأمن وللإدارة المدنية ببدء العمل على إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة».ونددت العديد من الدول بتصريحات سموتريتش باعتبارها انتهاكاً سافراً للقوانين والمعاهدات الدولية، وأعربت عن رفضها القاطع للتصريحات الاستفزازية والإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وكل الممارسات المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، والتي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، إضافة إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وتهدد في الوقت ذاته بالمزيد من التصعيد الخطير والتوتر في المنطقة، وتعيق جهود تحقيق السلام والاستقرار، كما تقوّض جهود «حل الدولتين». وربما بدأت إسرائيل مسبقاً بمخطط ممنهج لضم الضفة الغربية، ففي يونيو الماضي أنشأت «إدارة المستوطنات»، وهي هيئة حكومية جديدة داخل وزارة الدفاع تقدّم تقاريرها مباشرةً إلى الوزير سموتريتش وتسيطر على معظم مجالات الحياة المدنية في الضفة الغربية. وتم تعيين «يهودا إلياهو» رئيساً للهيئة الجديدة.

إن نقل الصلاحيات القانونية في الضفة الغربية المحتلة إلى مسؤول مدني يعد متعارضاً مع قرار المحكمة العليا في إسرائيل، والذي يَعتبر سيطرة تل أبيب على الضفة الغربية «احتلالاً عسكرياً مؤقتاً يشرف عليه قادة من الجيش، وليس ضماً مدنياً دائماً يديره موظفون حكوميون إسرائيليون».

لقد مر المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية بتحولات متسارعة منذ تشكيل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في 29 ديسمبر 2022، وهي تحولات تستند إلى أجندة يمينية استيطانية تقوم على التوسع في ضم الأراضي الفلسطينية من فئة «ج» حسب اتفاق أوسلو، ومن ثم الفرض التدريجي للسيادة الإسرائيلية الشاملة على جميع المناطق في الضفة الغربية. فبموجب شروط اتفاقات أوسلو، لا يجوز لإسرائيل العمل في المنطقتين «أ» و«ب» إلا لأغراض أمنية، بينما تقع الشؤون المدنية تحت السيطرة الفلسطينية

في حين أن المنطقة «ج»، التي تشكّل 60% من الضفة الغربية والمخصصة في نهاية المطاف للدولة الفلسطينية المستقبلية، تقع تحت السيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية. ومنذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية تمت إقامة 44 بؤرة استيطانية جديدة. على الأقل، تهدف للاستيلاء على الأراضي والطرد المنهجي للفلسطينيين من المنطقة. كما تمت الموافقة على نحو 18,000 وحدة سكنية استيطانية جديدة.. وكل ذلك بالتوافق مع خطة رفع النمو الاستيطاني بزيادة عدد المستوطنين إلى مليون نسمة خلال العقدين القادمين.

وتتعارض خطوات الضم التدريجية للضفة الغربية مع موقف المجتمع الدولي الداعم لإيجاد حل للقضية الفلسطينية ولإنهاء الاحتلال ولإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. وهذه الخطوات والتصريحات الاستفزازية المصاحبة لها لا تعني إلا استمرار دائرة العنف والصراع.

* كاتبة إماراتية