في إطار الاحتفال باليوم الدولي للتسامح، والذي يوافق السادس عشر من نوفمبر كل عام، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج رائد للتسامح، إذ تبنت الإمارات، منذ تأسيسها، نهجاً يركز على تعزيز قيم التعايش والإخوة الإنسانية بين مختلف الأعراق والديانات والمذاهب، وتضم الإمارات أكثر من 200 جنسية يعيشون بكل وفاق وانسجام ونظام اجتماعي متين قائم على العدالة وسيادة القانون. ووفقاً لرؤية القيادة الرشيدة، لا يُعدّ التسامح مجرد شعار، بل هو واقع معاش تم تأسيسه ويتم تعزيزه بالكثير من السياسات والمبادرات المجتمعية الملهمة. وهنا تجدر الإشارة إلى عدد من المحطات الرئيسة في مسار الإمارات باتجاه تعزيز نموذجها الملهم للتسامح، ومنها استحداث وزارة التسامح عام 2016، وإعلان المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، عام 2019 عام التسامح، ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، توقيع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، «وثيقة الأخوة الإنسانية» في أبوظبي في فبراير 2019، والتي تُعد إحدى أهم الوثائق الإنسانية الداعية للسلام والتآخي، وإطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عام 2017 «المعهد الدولي للتسامح». ولدى القيادة الرشيدة اهتمام خاص بقضية التسامح، وفي هذا الصدد يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 4 فبراير 2024، عبر تغريدة في «إكس»: «التعايش والحوار وتعزيز الوعي بالقيم الإنسانية المشتركة بين البشر، على اختلاف أديانهم وأجناسهم، أساس السلام والاستقرار والازدهار في العالم أجمع». واستمراراً لجهود الدولة من أجل تعزيز قيم التسامح، شهدت العاصمة أبوظبي يوم الاثنين الماضي انطلاق فعاليات الدورة السادسة من «المهرجان الوطني للتسامح»، الذي تنظمه وزارة التسامح والتعايش سنوياً، ويستمر حتى 18 نوفمبر 2024، في إطار احتفالات الدولة باليوم العالمي للتسامح، برعاية وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، الذي أكد سموه أن احتضان أبوظبي لهذا المهرجان هو تعبير صادق عن مكانتها حاضنة لقيم التسامح والأخوة الإنسانية، التي تمثل المنطلق الحقيقي لأي أنشطة أو برامج أو أحداث، مضيفاً سموه أن المهرجان سيظل أحد أهم المنصات التي تسمح للجميع بالتعبير عن قيمهم ورؤيتهم، وفق قاعدة عامة هي احترام الآخر والالتزام بقيم ومبادئ الأخوة الإنسانية التي أقرها العالم. وفي سياق متصل، نفذت لجان التسامح بجميع وزارات وهيئات الدولة، بالتعاون مع وزارة التسامح والتعايش، أكثر من 1561 مبادرة ونشاطاً، سواء داخل مؤسساتها أم خارجها، وبلغ عدد اللجان حتى الآن 66 لجنة تعمل للمضي قدماً في تعزيز ثقافة التسامح من خلال القيام بالعديد من المبادرات والفعاليات والبرامج خلال المهرجان، والتي تقدر بنحو 70 فعالية متنوعة، ما يسهم في خلق بيئة تحتفل بالتنوع، وتثري تجربة التسامح والأخوة الإنسانية. ويحظى نموذج التسامح في دولة الإمارات بتقدير دولي متزايد، لأنه يجسد منظومة مجتمعية تعلي من قيم التعايش المشترك بين الأديان والثقافات المختلفة، وهو في الوقت نفسه يندرج ضمن الرؤية الشاملة التي تتبناها الإمارات لمواجهة نزعات التعصب والعنصرية والكراهية التي تهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي. وقد احتلت الإمارات المرتبة الرابعة في مؤشر التسامح مع الأجانب، وفقاً لتقرير مؤشر تنافسية المواهب العالمية الصادر عن كلية «إنسياد» عام 2020، فيما صنفها تقرير مؤشر الازدهار الصادر عن معهد «ليجاتم» بالمرتبة التاسعة في المؤشر ذاته في العام نفسه. لقد استطاعت دولة الإمارات بفضل سياساتها الحكيمة ورؤيتها المستقبلية، أن تُرَسّخ ثقافة التسامح قاعدة أساسية تُحقِّق من خلالها تماسكاً اجتماعيّاً واستقراراً يُحتذى به على الصعيدين الإقليمي والعالمي. ومما لا شك فيه أن التزام الدولة بترسيخ التسامح والتعايش كقيمة وطنية يُعزِّز من صورتها الدولية مكاناً آمناً للعيش والعمل، ويؤكد دورَها الريادي في تعزيز الحوار والتواصل بين مختلف الشعوب والثقافات.