تضع المملكة العربية السعودية بصماتها للسنة الثانية على التوالي، وفي ذات الموعد الأول 11/ 11/ 2024، لاحتضان غزة ولبنان في وقت عصيب وفترة مفصلية تتزامن مع مرحلة الاستعداد لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض من جديد، ويصعد على كتف وقف الحرب، بعد أن وقف العرب والمسلمون في صفه «الجمهوري» مقابل المرشحة «الديمقراطية» كامالا هاريس وريث بايدن، في الولايات المتأرجحة باعتراف الرئيس ترامب نفسه.
ينبغي الآن البناء على هذا الوضع الجديد لأميركا، لماذا؟!، لأنها القادرة حتى على وقف الحرب فورا إذا أرادت ذلك، ولا توجد أي قوة تجبر أميركا للقيام بهذه الخطوة المفصليّة والتي بدونها لا شك في اتساع دائرة الصراع إلى حين بمعنى الوقت المجهول. الأهم من كل ذلك بالنسبة لنا عرباً ومسلمين الذي جلس قادتهم الـ 57 في قاعة واحدة وصف واحد وبكلمة واحدة لم يختلف عليها أحد، دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة مقابل السلام الدائم والشامل، وهذا الحلم الواقعي إذا تحقق فإن مبررات إسرائيل في الدفع بحروب متواصلة ومتوالية تسقط تباعاً، فإن لم ترضخ إسرائيل لنداء السلام، فسوف تزداد التوترات بالمنطقة.
وقد أكد وزير الخارجية السعودي أن: «قمة الرياض» تأتي تأكيداً لاستكمال الجهود لوضع حد للجرائم الإسرائيلية، وأن قيام الدولة الفلسطينية هو الحل للصراع في الشرق الأوسط. هناك تقاعس من المجتمع الدولي بشأن التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية، في الوقت الذي يتزايد عدد الدول التي بدأت تدعم حل الدولتين.
ومن ناحية أخرى نوهت الرئاسة الفلسطينية إلى أن: تصريحات وزير المالية الإسرائيلي تكشف عن نية تل أبيب لفرض السيطرة على الضفة الغربية عام 2025، وهو عام تجسيد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. أما النقطة الأهم بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، الاتفاق على القيادة السياسية المُوَحدة والمُوحِدة في آن لإدارة الدولة الفلسطينية وتعزيز السلطة الفلسطينية الآن من أجل إعلان الدولة المتفق على حدودها وعاصمتها منذ عقود. وبوادر هذا الالتفاف حول السلطة الفلسطينية بانت أكثر في هذه الأيام الصعبة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
محمود الهبّاش مستشار الرئيس الفلسطيني قال: (لا نزال في دور المشاورات مع «حماس» والقاهرة، ونحن متفقون مع «حماس» على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي في غزة، وعلى «حماس» أن تعترف بأنها فشلت في إدارة قطاع غزة، ولكن إسرائيل لا تريد عودة منظمة التحرير إلى القطاع).
وفي «وول ستريت جورنال» تقارير مفادها أن «فتح» و«حماس» تقتربان من التوصل إلى خطة لإعادة إعمار غزة بعد الحرب، ويُحتمل أن يتم التوصل إلى اتفاق على لجنة غير سياسية تشرف على المساعدات وإعادة الإعمار في غزة، هذه المؤشرات الإيجابية، تساعد على توفير مناخ سياسي سلمي في النسيج الفلسطيني. من الواضح أن الأوضاع تتوتر بالمنطقة، وهذا ما أكد عليه معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، بأن «المشهد الإقليمي والدولي مشهد صعب واستثنائي ويواجه الكثير من التحديات ولا يمكن اختزاله بالمشهد السياسي الذي يشهد احتقاناً كبيراً، والتطورات الجيوسياسية في المنطقة والتي تجاوزت العام حتى الآن، تعتبر مخاضاً سينتج عنها حتماً تبعات كثيرة في المشهد الإقليمي، وعلى دول الإقليم أن تكون جاهزة للتعامل مع هذه التبعات والتحكم فيها». أما لبنان اليوم، فيبدو أنه أمام فرصة تاريخية للتخلص من تبعات الثلث المعطل وعودة السيادة الوطنية على كل شبر من أراضيها.
*كاتب إماراتي