دعماً لركائز ترسيخ الأمن الإقليمي، وبهدف صياغة آليات لتسوية الأزمات الراهنة، شاركت دولة الإمارات في القمة العربية الإسلامية التي عقدت خلال الأسبوع الحالي في المملكة العربية السعودية، وهي المشاركة التي أكدت مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، ودعم الإمارات الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق اللاجئين في العودة والتعويض بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وخصوصاً القرار 194، والتصدي لأي محاولات لإنكار أو تقويض هذه الحقوق.
ونيابةً عن صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ترأس سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وفد دولة الإمارات في القمة، وقد أكد سموّ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، في تدوينة على منصة «إكس» على أهداف دولة الإمارات من المشاركة في القمة، بقول سموه: «نشارك في القمة العربية الإسلامية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية الشقيقة، وذلك في إطار التزام دولة الإمارات بدعم جهود السلام والتعايش، وسعيها الدائم لتعزيز التعاون مع الدول العربية والإسلامية، لتحقيق الاستقرار في المنطقة».
وقد أكد البيان الختامي للقمة على الأولويات الإقليمية في التعاطي مع التهديدات الراهنة في فلسطين ولبنان، ومع مخاطر التصعيد الإقليمي، مطالِباً مجلس الأمن الدولي بالضغط على إسرائيل لمنع تمدد الحرب الراهنة، وبضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس الشرقية، فضلاً عن مطالبة الأطراف الدولية الفاعلة بإطلاق خطة محددة الخطوات والتوقيت، برعاية دولية، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967.
كما تضمن البيانُ التأكيدَ على أهمية استدامة تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، وهو ما يتوافق مع أولويات دولة الإمارات، التي أطلقت منذ بداية الأزمة في قطاع غزة ولبنان مبادراتِها الخاصة لتقديم المساعدات الإنسانية، عبر مبادرة «الفارس الشهم3» التي أكدت التزام الإمارات بدورها الإنساني والإغاثي لدعم القطاعات الصحية، ومشاريع لتوفير المياه والغذاء. وفي لبنان، أطلقت دولة الإمارات مبادرة «الإمارات معك يا لبنان»، متعهدةً بـ 100 مليون دولار، وبمساعدات إنسانية تؤكد النهج الإنساني للدولة في عون الشعب اللبناني.
ويؤكد نهج دولة الإمارات في التعاطي مع مهددات الأمن الإقليمي على رؤيتها الاستراتيجية، ودورها الريادي في معالجة الأزمات، إذ تسعى الإمارات بشكل فاعل لتحريك جهود التسوية عبر الآليات الثنائية والجماعية، وذلك بالانسجام مع ثقلها الإقليمي ونهجها الإنساني الذي يرى أن السلام هو أساس التنمية الإقليمية وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة في التقدم والازدهار.
وتمسكاً بتلك الرؤية، تكثف دولة الإمارات الدعمَ لكافة جهود تسوية الأزمات الإقليمية الراهنة وفق قواعد القانون الدولي، ما يسهم في حلحلة مشكلات تعيق ترسيخ الأمن الجماعي الإنساني، وبما يسهم في تحسين الأوضاع بالمنطقة، على نحو يمكنها من تجاوز تحديات الأمن الإنساني بكافة صوره وأشكاله. وهنا تجدر الإشارة إلى كثافة التحركات النوعية التي تقوم بها الدبلوماسية الإماراتية بشأن الأمن الإقليمي، والمشاركة الفاعلة في جهود التسوية، وعبر دعم الأطراف المنخرطة في تسهيل الحوار الإسرائيلي الفلسطيني، والدول التي تقوم بجهد في تهدئة الجبهة اللبنانية.
والحاصل أن المشاركة الفعالة والنشطة لدولة الإمارات في مناقشات وقرارات القمة العربية الإسلامية هي انعكاس للالتزام الراسخ من قبل الدولة بشأن التفاعل الإيجابي مع تحديات وأزمات يمكن وصفها بالممتدة، ولها انعكاسات إنسانية وأمنية وارتدادات إقليمية، ويترجم الدعم الإماراتي لجهود التسوية من خلال مبادرات ومنصات إنسانية وتنموية تسهم في تخفيف وطأة تلك التحديات، وتمكن شعوب الدول المأزومة من تجاوز تبعات الصراعات.
إن دولة الإمارات لا تدخر جهداً لتسوية الأزمات الإقليمية بالتعاون مع الأطراف المعنية كافة، وهي تسعى بشكل دؤوب خلال المرحلة الحالية ومن خلال مقاربات دبلوماسية نشطة لتحفيز التسوية السياسية واستكمال المفاوضات بما يفضي لإنهاء مسببات الصراع في فلسطين ولبنان، مع وجود استعداد للانخراط في ترتيبات اليوم التالي للحرب حال وجود مظلة أممية وإقليمية تنظم جهود التعافي وإعادة الإعمار بالمنطقة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية