تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة القيام بجهود نبيلة وعظيمة على الصعيد الإنساني، للتخفيف من حدة الأزمات والحروب والكوارث، ومن ذلك ما أعلنه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن دولة الإمارات تحتل المرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً في تقديم المساعدات الإنسانية إلى كل من قطاع غزة ولبنان خلال العام الجاري.

ورغم الظروف الصعبة والعقبات الكثيرة أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين والنازحين والمهجّرين في قطاع غزة ولبنان، وما يعانيه الشعبان الشقيقان هناك من نقص في وسائل الإيواء، وفي الإمدادات الغذائية والطبية، وغيرها، فقد قدّمت الإمارات ما بوسعها من معونات مادية وطواقم طبية ومواد غذائية ووسائل إيوائية.. وهي مستمرة في مد الجسور الجوية الإنسانية وقوافل العون الإغاثي بشكل متواصل وبكميات ضخمة، بغية إنقاذ حياة الناس.

وقد جنّد الهلال الأحمر الإماراتي، المعروف بعطائه الدائم وسخاء خدماته الإنسانية المتواصلة، كلَّ إمكاناته وطاقاته البشرية، من موظفين ومتطوعين من كل الجنسيات والأعمار والتخصصات، في ميدان العمل الإنساني لمساعدة النازحين والمهجَّرين الذين فقدوا ديارهم وتقطعت بهم السبل، جراء النزوح المأساوي الذي تسببت فيه الحرب الدائرة، التي أكلت الأخضر واليابس. والمقلق أنه مع اقتراب الشتاء ستزداد معاناة هؤلاء النازحين، بسبب الأمطار والثلوج والطقس البارد في مناطق ومخيمات تفتقر إلى الكهرباء ووسائل الطهي والتدفئة، ومهددة بتفشي الأوبئة وانتشار الأمراض المعدية، لاسيما بين الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وفاقدي الأهل والرعاية.. في ظروف مأساوية إلى أقصى حد.لقد بادرت دولة الإمارات مبكراً بهذا العمل الإنساني الكريم النبيل، وأخذت على عاتقها مسؤولية أعبائه الكبيرة جداً، لتدفع بالإمدادات الضرورية نحو المحتاجين المتضررين من الحرب وكوارثها الإنسانية.

وللعلم، فإن أغلب المتطوعين في المهمات الإغاثية الإنسانية لمنظمة الهلال والصليب الأحمرين، عادةً ما يكونون من متقاعدي بأسلاك الجيش والشرطة، وذلك لأنهم موضع ترحيب دائماً لدى الجميع، على اعتبار أنهم رجال مهنيون لديهم تجارب وخبرات حياتية ومهنية طويلة، وهم مهيؤون بدنياً ونفسياً للتعامل مع ظروف الكوارث والأزمات والأوضاع الطارئة غير العادية.. وبالتالي فإن لهم القدرة على تحمل الصعاب وتجاوز الطرق الوعرة والمواقف الخطرة.. وغير ذلك من العراقيل والعقبات والتحديات، بحكم تكوينهم وخبراتهم السابقة.

ولذا فإن هذا الصنف من الرجال هم أكثر المتطوعين في الهيئات الإنسانية التي تقوم بأعمال إغاثية صعبة ونبيلة، لاسيما في ظروف الحروب والكوارث الكبيرة. وبحكم خبرتي السابقة، وكوني كنتُ متطوعاً في منظمة الهلال والصليب الأحمرين، وبصفة خاصة في جهازها الإعلامي الإنساني، فإني أعرف عن كثب وأدرك تمام الإدراك متطلبات هذا العمل الصعب المضني، وما يحتاجه من جهود جبارة وأموال طائلة وعمل ميداني دؤوب يتصف بالخطورة في كثير من الأحيان، لكنه مع ذلك ممتع جداً بالنسبة لمَن يَهوى ويرغب ويستمتع بهذه المهمات الإنسانية الشريفة والنبيلة.

وهذا النبل وذلك الشرف هو ما عملت دول الخليج العربية على تجسيده، وفي مقدمتها دولة الإمارات التي أصبحت ذات باع طويل في مجال العمل الإغاثي، وباتت مشاريع أعمالها الإنسانية موضع إعجاب وإشادة وثناء من جميع العارفين بهذا المجال، لاسيما من المنظمات العالمية والإقليمية الإنسانية، لما جسدته هذه المشاريع من عطاء إنساني بالغ السخاء.

*كاتب سعودي