صارت مجموعة «بريكس» رقماً مهماً في المعادلة الدولية؛ كونها التحالف الذي يستحوذ على المساحة الجغرافية وعدد السكان الأكبر في العالم، والتكتل المنافس لأقوى التحالفات الاقتصادية والسياسية الدولية؛ في ظل اتجاه العالم نحو نظام متعدّد الأقطاب؛ وهو ما يتطلب من دول المجموعة الاستناد إلى مراكز الفكر لصناعة السياسات وتطوير الأفكار؛ لوضع استراتيجيات تدرك الواقع، وتنظر إلى المستقبل بحلول فاعلة تضع دول «بريكس» على طريق يقتنص الفرص، ويعالج التحديات.ومن أجل هذا، جمع «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» أكثر من 14 مؤسسة أكاديمية ومركزاً بحثياً وفكرياً من دول بريكس، بالشراكة مع الوكالة الروسية «إيتار تاس» وشبكة «روسيا اليوم»، في قمة «تريندز» الأولى لمراكز الفكر في دول بريكس، بالتزامن مع قمة قازان، لتترافق قمة الفكر مع قمة القادة، ولتضطلع مراكز البحث بعرض أفكارها الداعمة لتطوير اقتصادات دول بريكس، ولفتح الباب للتعاون بين المؤسسات البحثية في استشراف المستقبل وصياغة السياسات، وبناء جسور مستدامة من الشراكة والتعاون بين دول المجموعة، وصياغة استراتيجيات مبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة لدول المجموعة، ودعم جهود تحقيق الازدهار والسلام.
المؤسسات البحثية في دول «بريكس» باتت مطالبة في عصر تتعدّد أزماته وصراعاته، وتتفاقم مشكلاته، بتحليل التحديات وتحويلها إلى فرص واعدة، وتطويرها إلى سياسات رشيدة تزيد من قوة دول «بريكس» والتكتل على الصعيد العالمي؛ عبر إجراء نقاشات فكرية معمّقة حول أفضل السبل والوسائل بين مراكز البحوث في دول بريكس، وصياغة مسارات التنمية لدول بريكس تتلافى العوائق في علاقات التعاون بين الأعضاء.
وبالنظر إلى الإمكانيات الهائلة لتكتل «بريكس»، حيث تُمثّل الدول 45% من سكان العالم، ويبلغ حجم اقتصاداتها 28.8% من الاقتصاد العالمي، ويستحوذون على 20% من التجارة العالمية، فإن على مراكز الفكر أدواراً متعددة تبدأ من تأهيل الباحثين الشباب للنهوض بالمعرفة الجماعية لدول التكتل، إلى استخدام الإمكانيات في رسم سياسات اقتصادية وسياسية واجتماعية دافعة للتكتل على الساحة الدولية، في سياق رؤية تستند إلى أطروحات علمية رصينة تضع خرائط المستقبل القائمة على استراتيجيات مبتكرة، وسياسات قابلة للتنفيذ.
ولقدْر «دبلوماسية الفكر»، سلّط «تريندز» الضوء على مراكز الفكر والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في التنمية، وأهمية التعاون على الساحة الدولية، وتوظيف الثورة التكنولوجية في نشر الوعي بين مواطني دول التكتل، وتزويد المؤسسات بالرؤى القادرة على تحقيق أهداف المجموعة، والاستفادة من المعرفة الجماعية في الاتجاه إلى مستقبل أكثر ازدهاراً. وللاستفادة من نتائج قمة مراكز الفكر، جاءت مبادرة «تريندز» لإنشاء منصة الدراسات الاقتصادية لمراكز الفكر بدول «بريكس» كمنتدى تفاعلي يجمع الخبراء والباحثين من المراكز البحثية لدعم تبادل المعرفة وتحليل بيانات المجموعة الاقتصادية، وتوفير الأبحاث والمعلومات الموثوق بها؛ رغبةً في فهمٍ أعمقَ للتحديات والفرص الاقتصادية، والعمل على استراتيجيات تنفّذها سياسات واضحة للنمو المستدام. واعتاد مركز «تريندز» على نهج التعاون مع مراكز الفكر حول العالم؛ إيمانًا بضرورة الحوار وتبادل المعلومات لسد الفجوات البحثية عبر مشروعات تعاونية تضع الازدهار والتنمية والسلام أساساً في رؤيتها لمنطقة الشرق الأوسط والعالم، وتحقق ذلك بالترابط بين الأوساط الأكاديمية ومراكز الأبحاث في أرجاء المعمورة.
وتطبيقًا لرؤيتنا العالمية، دشّن «تريندز» في العاصمة الروسية موسكو مكتباً واقعياً، ليصبح جسر التواصل بين الباحثين والخبراء في منطقتَي الشرق الأوسط وروسيا، بما يوسع شبكة علاقات «تريندز» مع المؤسسات البحثية والأكاديمية والسياسية، ووجود المركز في قلب دول صنع القرار العالمي، كما وقّع «تريندز»، على هامش قمة «بريكس»، اتفاقية تعاون وشراكة أكاديمية وبحثية مع جامعة لوباتشيفسكي الروسية، وأبرَم مذكرة تعاون ثانية مع مركز أبحاث الحوكمة والسياسة الإيراني «جي بي تي تي»؛ بما يزيد الانتشار والقدرة على الوصول للمعلومات والتعاون في المشروعات البحثية.
إن مراكز الفكر أضحت ركيزةً أساسية في تطوير المعرفة والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية، ومن شأن النجاح في التعاون بين دول «بريكس» في المجال البحثي والفكري زيادة التأثير على الصعيد العالمي.
وقمة «تريندز» لمراكز الفكر في دول «بريكس» تفتح المجال لتبادل المعرفة، وتحديد التحديات والحلول المشتركة، والتعاون في مواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية بتصورات ورؤى ثاقبة تفتح الآفاق لتكتل «بريكس» على المستويات الدولية، خاصةً أن هدفَ دول المجموعة الانفتاحُ والتعاون على كل الأبعاد، بما يحقق المنافع المشتركة.
*الرئيـس التنفيذي- مركز تريندز للبحوث والاستشارات