بتاريخ مضيء من العمل الإنساني على مدار عشرات السنوات، تُواصل دولة الإمارات المَسيرة في غزة ولبنان، مع ما يجري في منطقة الشرق الأوسط من توترات جيوسياسية تُنذر بالتصعيد في المنطقة، بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية والسياسية لدولة الإمارات لوقف إطلاق النار وإحلال السلام، وضمان وصول المساعدات الإنسانية الكافية مع استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان. وفي هذا المضمار، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتقديم حزم مساعدات إلى غزة ولبنان، وهو الدور الإنساني المعهود من الإمارات على مستوى العالم، في الوقوف مع الأشقاء والأصدقاء في مثل هذه الظروف، وبما يجسّد قِيم العطاء، والالتزام التاريخي تجاه الشعوب في توفير المساعدات والإمدادات الإنسانية في وقت الأزمات.

وفي غزة، ومنذ بداية التصعيد، تصدّرت الإمارات دول العالم بتقديم المساعدات لأهالي غزة بنسبة بلغت 27% من إجمالي كل ما قُدِّم من مساعدات، عبر سلسلة من المبادرات الإنسانية، مثل عملية «الفارس الشهم 3» و«طيور الخير» و«تراحم من أجل غزة»، لدعم القطاع وتخفيف معاناة المدنيين، لكنها لا تقتصر على توفير الغذاء والدواء والمتطلبات المعيشيّة عبر البر والبحر والجو فقط، بل قرّرت الدولة علاج 1000 طفل من قطاع غزة، و1000 فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من القطاع، من مختلف الفئات العمرية، في مستشفيات دولة الإمارات.

ونظراً لصعوبة تلقّي الرعاية الصحية والحصول على مياه الشرب النظيفة في غزة، أقامت دولة الإمارات المستشفى الإماراتي العائم قبالة ساحل مدينة العريش، وفي جنوب غزة، أقامت المستشفى الميداني الإماراتي بفريق طبي من الدولة، لعلاج الفلسطينيين، وأنشأت محطات تحلية مياه لتوفير أكثر من مليون غالون من المياه يومياً، ووفّرت المخابز الأوتوماتيكية لتلبية احتياجات الفلسطينيين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل خصّصت دولة الإمارات 20 مليون دولار لوكالة «الأونروا» لدعم الفلسطينيين، لمواجهة الظروف الحالية. وفي لبنان، فالإمارات حاضرة في الدعم الإنساني عبر حزمة مساعدات «الإمارات معك يا لبنان» بقيمة 100 مليون دولار، وهي مساعدات لم تبدأ في 2024، وإنما تتجاوز نصف القرن، وهي سياسة مرتكزة على التعاون الإنساني، ومدّ يدِ العون للأشقاء في لبنان، لما يتعرّض له من ظروف حرجة، كما كانت الإمارات حاضرة خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية، وإزالة الألغام في جنوب لبنان في عام 2002، وفي كل حدث جلَل في لبنان، ككارثة مرفأ بيروت عام 2020، للتخفيف من آثار الكارثة التي ضربت لبنان.

وبموازاة الجهد الإنساني والإغاثي، تُواصل دولة الإمارات حراكها الدبلوماسي، على المستويين الإقليمي والدولي، لإرساء وقف مؤقت لإطلاق النار، وبذل كل الجهود داخل أروقة الأمم المتحدة، وعلى المستويات الثنائية، لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان وإحلال السلام بالمنطقة، وإرسال المزيد من المساعدات الطبية والإنسانية، وقد حقّقت الدبلوماسية الإماراتية نجاحاتٍ استثنائيةً، أبرزها اعتماد مجلس الأمن قرار 2720، باتخاذ خطوات ملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون في غزة، وحماية العاملين في المجال الإنساني.

وستُواصل دولة الإمارات أداء دورها الريادي في دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني، انطلاقاً من سِجلّ تاريخي، على مدى عقود، أرْسَته دولة الإمارات منذ قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولا يزال ركيزةً أساسية في سياسة الدولة الخارجية، مع العمل في الوقت نفسه على حل الصراعات، واستخدام العلاقات الإقليمية والدولية والنفوذ الدبلوماسي على مستوى العالم في وقف التصعيد بالمنطقة، للانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة التنمية.

باحث رئيسي - مدير إدارة البحوث - مركز تريندز للبحوث والاستشارات