الإرهاب ليس ظاهرة جديدة، ولكنه بات آفة العصر، التي تهدد كل دول العالم بلا استثناء، فلا توجد دولة في مأمن من هذا الخطر الجسيم، ما يفرض ضرورة أن تكون هناك تدابير دولية جماعية لمواجهة ذلك الخطر الذي يمثل تحدياً كبيراً للأمن الداخلي في العديد من الدول، فضلاً عما يسببه من خسائر في الأرواح والممتلكات، حيث يسقط المزيد من الأبرياء بشكل يكاد يكون يومياً في مناطق مختلفة من العالم.
من هذا المنطلق، تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة كل الجهود المناهضة للإرهاب بشكل مطلق وقاطع، وهي تؤكد دائماً أن كل الأديان بريئة تماماً من الإرهاب، حتى وإن رفع الإرهابيون لافتات دينية، وتؤكد الإمارات مراراً وتكراراً على أن الإرهاب الذي يتستر بالدين، إنما ينطلق من مفاهيم خاطئة لتفسير نصوص الأديان، التي تؤكد جميعها على التسامح والتعايش ونبذ الفرقة وإدانة كل أشكال العنف.
وفي ظل سعي دولة الإمارات المتواصل لحشد الجهود الدولية لمواجهة خطر الإرهاب على الصعيد العالمي، لا تتردد الدولة أبداً عن المشاركة في كل المؤتمرات والمنتديات الهادفة إلى تنسيق الجهود الخاصة بمكافحة الإرهاب، ومن هنا، فقد شاركت الدولة في الاجتماع الوزاري لـ«التحالف الدولي ضد تنظيم داعش» الذي انعقد في العاصمة الأميركية واشنطن، مطلع شهر أكتوبر الجاري، وقد ترأس وفد الدولة سلطان الشامسي، مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والمنظمات الدولية.
وناقش الاجتماع الجهود الدولية لمواجهة تهديدات تنظيم «داعش» الإرهابي المتزايدة، خاصة في المناطق المتأثرة بالصراعات، مع التركيز على المخاطر الأمنية والتحديات الإنسانية، كما تطرق المشاركون إلى سبل تعزيز التعاون الدولي لضمان استدامة المكاسب المتحققة في مكافحة التنظيم الإرهابي وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة من سيطرته.
ومن منطلق أن دولة دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول صاحبة الموقف الثابت والمبدئي ضد الإرهاب والتطرف، ومن دون أدنى تحفظ، ولا تفوت فرصة للتأكيد على رفضها المطلق لكل الأعمال الإرهابية، فقد أكد الشامسي، في كلمته خلال الاجتماع، على التزام دولة الإمارات بدعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي، مشيراً إلى الدور الفاعل الذي تقوم به الدولة من خلال مشاركتها في مجموعات العمل المختلفة ضمن التحالف، بما في ذلك مجموعة الاتصال ومجموعة الاستقرار. كما شدد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية التي تغذي الإرهاب، موضحاً أن الحلول المستدامة تتطلب تعاوناً دولياً كاملاً يشمل التنمية والمساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة ورفع الوعي لدى الشباب.
وفي الواقع، فإنه وفي سياق توجيهات القيادة الرشيدة، وانعكاساً لالتزام دولة الإمارات القوي والراسخ بتجفيف منابع تمويل الإرهابيين أياً كان مصدرها، واتخاذ جميع التدابير اللازمة بمكافحة الجرائم المالية على مستوى العالم، دشنت الدولة مؤسسات وطنية عدة تستهدف دعم المساعي الدولية لمواجهة التطرف والإرهاب، وهنا تجدر الإشارة على سبيل المثال إلى «اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة»، التي حلت محل المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في كافة الحقوق والالتزامات.
وبالتزامن مع العمل مع دول العالم المختلفة لمكافحة الإرهاب، تبذل دولة الإمارات جهوداً دؤوبة على الصعيد الداخلي، ومنها إعلان الدولة استراتيجيتها الوطنية الجديدة للأعوام (2024-2027)، لمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتمويل انتشار التسلح، التي تستند إلى أحدث تقييم وطني للمخاطر، والذي تم العمل عليه باستخدام منهاجية مجموعة البنك الدولي، وذلك لضمان الاتساق مع أعلى المعايير الدُّوليّة، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى مكافحة تأثير هذه الأنشطة غير المشروعة على المجتمع.
تدرك دولة الإمارات العربية المتحدة عن يقين راسخ أن الإرهاب خطر كبير، تتطلب مواجهته وجود تعاون دولي متكامل من خلال استراتيجية شاملة، كفيلة بالتصدي الفاعل لهذا الخطر، وهي تبذل جهوداً متواصلة في هذا السياق، الأمر الذي جعلها في مقدمة الدول الأكثر فاعلية في مواجهة الإرهاب، وهي لا تتردد عن إدانة كل صوره وأشكاله إدانة مطلقة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية