من المتعارف عليه أن الكتابة في فروع العلوم الاجتماعية، ومنها علم السياسة هي كتابة نظرية بحتة، وهذه الأخيرة معالجة عامة مختصرة لمشاكل الدولة والمجتمع.
وتعتبر مشكلة تحقيق الاستقرار السياسي والاستدامة وارتباطها بالاقتصاد دراسة منطقية للعلاقات الممكنة فيما بينها، وهي مجموعة من المبادئ المتعلقة بتحقيق الاستقرار والاستدامة تحت ظروف افتراضية تعاد صياغتها لتطبيقها في الواقع العملي. نظريات السياسة التطبيقية والتحليل السياسي التطبيقي قائمة على أساس من البحث في العلاقات السياسية المحتملة في داخل المجتمع، وشرح وتقييم للسياسات فيما يتعلق بتوزيع الأدوار وتنسيقها في المجتمع في ظل الظروف السياسية السائدة ضمن النظام القائم. وإذا ما تم الإقرار بأن الاستقرار السياسي وتحقيق الاستدامة، هي عمليات سياسية حضارية شاملة لمختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق كرامة الإنسان ورفاهيته وبأنها بناء للإنسان وتطوير لكفاءاته وإطلاق لقدراته للعمل البناء، وبأنها اكتشاف وتسخير واستخدام قويم لموارد المجتمع المادية والبشرية والإنتاجية القادرة على العطاء المستدام، فإن الاستقرار السياسي والاستدامة ومتطلباتها تتطور وفقاً لما يحتاج إليه المجتمع وما يمكن له تحقيقه.
ولما كانت جوانب الاستقرار السياسي والاستدامة تتداخل وتتفاعل مع بعضها، فإن من الصعب تصور وجود استقرار سياسي واستدامة في جانب دون أن يصاحبها استقرار واستدامة في جوانب أخرى. لذلك فإن الاستقرار السياسي والاستدامة يقفان جنباً إلى جنب مع الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والإدارية؛ كما وأن الاستدامة في هذه الجوانب ترتبط بالاستدامة والاستقرار في الجوانب الأخرى، ثقافية وفكرية وأدبية وغيرها. هذه الديناميكية تتطلب تغيرات جذرية في فكر الإنسان وسلوكه وقدراته لأن هذا التغير هو وسيلة إلى غاية، وفي الوقت نفسه هو غاية في حد ذاتها ضمن عملية الاستقرار السياسي والاستدامة. وفي سياق هذا الطرح يوجد شرطان أساسيان: الشرط الأول، هو إزال جميع المعوقات التي تحول من دون انبثاق الإمكانات الذاتية الكامنة في داخل الكيان السايسي. والشرط الثاني هو خلق الترتيبات المؤسسية التي تساعد على نمو هذه الإمكانات البشرية إلى أقصى قدر ممكن.
وفي نهاية المطاف يهدف الاستقرار السياسي والاستدامة إلى خير الوطن والمواطن والدولة والمجتمع، وإلى خير الإنسان في الوقت ذاته الذي تركز فيه على جهوده الإيجابية، فالإنسان هو وسيلتها وهدفها في آن واحد. ومما لا شك فيه أن الاستقرار السياسي والاستدامة مرتبطان بالاستقرار الاقتصادي. ورغم ما يشهده العالم من تقلبات اقتصادية، ومسببات تدق نواقيس الخطر، إلا أن دولة الإمارات تحقق نهضة وإنجازات اقتصادية تطال جوانب الحياة كافة. دولة الإمارات في مقدمة العديد من دول العالم على صعد الاستثمار والإدخار وتعادل موازينها التجارية وجودة الحياة.
وبرغم من أن آليات العولمة تقلل من حرية حركتها على الصعيد العالمي، إلا أن عولمة أسواقها زادت من إندماجها في الاقتصاد العالمي ومن تمكينها من عقد شراكات ثنائية مع العديد من دول العالم، والاستفادة من إمكانات تلك الدول فنياً وتكنولوجياً، وبذلك أصبحت سلعها وخدماتها عالمية الطابع. المستثمرون والمنتجون ورجال الأعمال المواطنون والمقيمون يكسبون الكثير من حرية الاقتصاد والتجارة الحرة التي تنتهجها الإمارات. ومن يقيم على أرض الإمارات - مواطن ووافد - قادر على المنافسة بجدارة في الأسواق العالمية ويكسب الكثير.
*كاتب إماراتي