في الثاني من أكتوبر الجاري، وقع حدثان من المرجح أن يؤثرا على الحرب في الشرق الأوسط بطرق غير متوقعة. فقد أطلقت إيران قرابة 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، رداً على الاغتيالات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت أحد كبار قادة «حماس» خلال وجوده في طهران، وحسن نصر الله (زعيم «حزب الله» اللبناني) في مخبئه بالضاحية الجنوبية لبيروت.
الهجوم الإيراني قد يكون أكبر هجوم صاروخي باليستي منفرد في يوم واحد على دولة ذات سيادة في التاريخ. ومع ذلك، فإن التقارير الأولية تشير إلى أن الأضرار المادية التي لحقت بالأهداف الإسرائيلية كانت ضئيلة جداً، إذ سُجل عدد قليل للغاية من الضحايا. وتراوح ردُّ القادة الإسرائيليين بين التوعد الحتمي بأن يكون هناك رد عسكري في الوقت والمكان اللذين تختارهما إسرائيل، وبين مطالبات أكثر هستيرية بأن تشن إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد أهداف نووية وبترولية في إيران. وبالنظر إلى مدى نجاح إسرائيل في اختراق شبكات الاستخبارات الإيرانية ووكلائها، فإن الأهداف قد تشمل قادة عسكريين وسياسيين إيرانيين. غير أن شن هجوم شامل على إيران يبدو مستبعداً، لأن ذلك سيواجِه معارضةً من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. ذلك أن آخر ما يريده بايدن ونائبته كامالا هاريس هو حرب شاملة وسط حملة انتخابية مصيرية.
أما الحدث الثاني، فهو المناظرة الوطنية التي جمعت بين «جي دي فانس» و«تيم والز»، المرشحين «الجمهوري» و«الديمقراطي» على التوالي لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل. مناظرة كانت مرتقبة على نطاق واسع، لأنه لم يسبق للمرشحَين أن التقيا علناً مِن قَبل وكلاهما جاء إلى استوديوهات التلفزيون بحمولة سياسية كبيرة. فانس بسبب خطابه القوي في حملته الانتخابية ضد المهاجرين غير الشرعيين، وقضايا الإنجاب وصحة المرأة. أما والز، فكان يُنظر إليه على أنه سياسي ريفي من الغرب الأوسط غير متأكد من دوره وميال إلى الغضب في مناقشة منافسيه.
وفي هذه المناظرة، فاجأ كلٌّ من المرشحَين الجمهورَ. فقد كانا مهذبين مع بعضهما البعض، وركزَا على السياسات بدلاً من القضايا الشخصية، وبدا أنهما يتفقان حول عدد من القضايا بطريقة تتباين بقوة مع المناظرة النارية التي جمعت بين ترامب وهاريس في العاشر من سبتمبر الماضي.
لقد أمضى المرشحان معظمَ وقتهما في مناقشة الاختلافات حول السياسة الداخلية. وكان أول سؤال طرحه عليهما مديرَا المناظرة في قناة «سي بي إس» ذا علاقة بالأزمة المتواصلة في الشرق الأوسط وما الذي ينويان فعله لوقف جهود إيران الرامية لتطوير أسلحة نووية؟ لكن كلا المرشحين تهربا من الإجابة عن السؤال وركزا على نقاط ضعف المرشح الرئاسي الآخر في التعامل مع الشؤون الخارجية. وقد أشار والز إلى علاقة ترامب «الفوضوية» مع حلفاء أميركا، موضحاً لماذا من المهم جداً العمل مع الحلفاء، وأن هذا هو ما يفعله بايدن وهاريس بالضبط. أما فانس فانتقد «ضعفَ بايدن وهاريس»، مشيراً إلى تراجع احترام القوة الأميركية وهيبتها في ظل قيادتهما.
أما بقية المناظرة، فتمحورت حول الهجرة والجريمة والأسلحة والرعاية الصحية والإسكان ورعاية الأطفال والديمقراطية الداخلية. وبدا فانس المُناظرَ الأكثرَ رقياً وإقناعاً، لكن مع نهاية المناظرة، أصبح والز أكثر ثقة وجرأةً، واستطاع أن يضع فانس في موقف دفاعي حين تطرق لإنكار ترامب نتائج الانتخابات ومحاولة الإطاحة بالحكومة الأميركية في 6 يناير 2021. كما ذكّر والز الجمهورَ بأن العديد من أعضاء حكومة ترامب السابقين وكبار موظفيه الشخصيين قد انشقوا عنه وأعلنوا أنهم لن يصوّتوا له.
في الأسابيع الأخيرة من الحملة، ما زال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن المستقبل. ذلك أن إضراباً في موانئ شرق البلاد وجنوبها سيتسبب في إحداث فوضى في سلاسل الإمدادات، وسيكون له في نهاية المطاف تأثيرٌ مكلف على الاقتصاد إذا لم يتم حل المشكلة. كما أن العواقب المدمرة للإعصار الذي ضرب جنوب الولايات المتحدة مؤخراً يمكن أن تؤثِّر على وصول الناخبين إلى مكاتب التصويت في الولايات الرئيسية، وخاصة فلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية. هذا فضلاً عن أن العنف قد يتصاعد في الشرق الأوسط بالطبع.
*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال إنترست» - واشنطن