لم يكن مفاجئاً لأي متابع، شخصاً عادياً كان أم مراقباً متخصصاً، تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة على بناء شراكات فاعلة بهدف استثمار الإمكانات المشتركة لتحقيق مستقبل أفضل لشعبها وشعوب العالم قاطبة.

وقد جاء ذلك التأكيد مجدداً، خلال الزيارة بالغة الأهمية التي قام بها سموه الأسبوع الماضي إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكان بمثابة استمرار لسياسات ومواقف الإمارات التي ما فتئت تسعى لتحقيق أفضل النتائج في المجالات التنموية كافة، ما يعطي دلالته الفعلية لهذا التوجه الذي يتقاطع مع رؤية «وثيقة مبادئ الخمسين» ورئية «مئوية الإمارات 2071» التي بدأت الدولةُ العملَ بموجب توجهاتها قبل سنوات من الآن.

إن تأكيد صاحب السمو رئيس الدولة على أهمية الشراكات لدفع التنمية، ولضمان استمرارية مسارات التقدم، يضيف قوةً مهمة لصالح اقتصاد الدولة، إذ كلما كانت الشراكات والتبادلات الخارجية لأي اقتصاد واسعة النطاق ومتعددة الأطراف كان ذلك الاقتصاد قوياً ومرناً وقادراً على مواجهة جميع الظروف والتقلبات الإقليمية والدولية مهما كان نوعها.

كما أن من شأن أي اقتصاد ذي شراكات واسعة ومتعددة أن يساهم في ضمان أفضل أسباب العيش الكريم، وفي تحقيق الرفاه والرخاء والاستقرار الاقتصادي على المستوى الداخلي. وبناءً على ذلك، فإنه يبرز أمامنا اليوم توجهٌ في غاية في الأهمية على الصعيد الاقتصادي في دولة الإمارات، يتمثل في تنويع العلاقات وتعميق الشراكات مع أهم الاقتصادات وأكثرها تأثيراً على المستوى العالمي، في ظل رؤية استراتيجية مستنيرة ترمي إلى الاستفادة من الشراكات الفاعلة بهدف استثمار الإمكانات المشتركة لاستقطاب الاستثمارات وجلب أهم الشركات العاملة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي.. وغيرها من مجالات اقتصاد المعرفة. وما من شك في أن توجه دولة الإمارات العربية المتحدة نحو الدخول في الشراكات الفاعلة، وما يصاحبها من استثمارات وتبادلات وخبرات، سوف يكون له دوره المميز في ترسيخ مكانة الدولة في الأسواق الاقتصادية الكبرى وفي زيادة جاذبيتها كمركز مالي وتجاري شديد الحيوية عالمياً، لا سيما على مستوى منطقة الشرق الأوسط. وعلاة وعلى ما تمثله هذه الشراكات مِن فرص واسعة ومصالح كبرى، فإن دولة الإمارات تعد وجهةً مثالية لاستقطاب مزيد من كبريات الشركات العالمية في مجالات مختلفة.

وفي هذا الصدد نلاحظ أن الكثير من الدول المتقدمة اقتصادياً في عالم اليوم تتبع أسلوب الشراكات بين الكيانات وتسعى إليه، لما فيه من أهمية في تحقيق النمو وضمان التطور، ولما يضيفه مِن قوة على الصعيد الاقتصادي في أي بلد.. وهو الأمر الذي يؤكد صحة توجهات دولة الإمارات على الصعيد الاقتصادي العالمي. إن الشراكات الاستراتيجية اليوم تعد واحدةً مِن أهم ركائز بناء العلاقات وصياغة التحالفات وتنميتها بين الدول، وذلك لما تُحققه من منافع متبادلة، ولما تُسهم به في تعزيز التعاون المشترك، فضلاً عن دورها المحوري في تقريب المواقف الثنائية، وفي بناء المصالح المتقاطعة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي.. الأمر الذي من شأنه أيضاً أن يزيد حضورها على مستوى القرار العالمي.

*كاتب كويتي