تصعيد غير مسبوق ومتسارع لحرب الاستنزاف بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، حيث دوت صافرات الإنذار في بلدات ومدن شمال إسرائيل، بعد أن رد «حزب الله» صباح أمس الأحد باستهداف قاعدة ومطار «رامات ديفيد» بعشرات الصواريخ، وذلك بعد تعرضه لضربات متتاليه من إسرائيل، بدءاً بتفجيرات أجهزة النداء الآلي (البيجر) المتزامنة، التي استهدفت أعضاء لحزب الله ووصلت شراراتها لأعضاء في سوريا والعراق، وأدت إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة نحو 3000 جُلهم ينتمون لـ «حزب الله» نفسه، من عسكريين ومدنيين. تلا ذلك تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة للحزب، مما أدى إلى مقتل 20 شخصاً، وجرح أكثر من 450 آخرين، ومن ثم استهدف إسرائيل اجتماعاً أمنياً لقادة قوةِ «الرضوان» التابعة للحزب في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، مما أدى لمقتل القيادي في الحزب إبراهيم عقيل الذي شغل مناصب عدة، آخرها رئاسة المجلس العسكري، خلفاً لفؤاد شكر الذي كان لقي حتفه بغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 30 يوليو الماضي، إضافة إلى القيادي العسكري الآخر أحمد محمود وهبي الذي قاد العمليات العسكرية لقوة «الرضوان».
وعلى الرغم من أن إسرائيل و«حزب الله» يتبادلان القصف يومياً منذ حوالي عشرة أشهر، حيث تدور خلال هذه الفترة حربُ استنزاف بين الحزب وإسرائيل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، مؤدِّيةً إلى نزوح أكثر من 80 ألف إسرائيلي من بلْدات ومستوطنات الشمال، وهو ما شكّل تحدياً داخلياً كبيراً للحكومة الإسرائيلية، إلا أن منسوب التوتر ارتفع مؤخراً بعد اغتيال فؤاد شكر، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء الماضي، عن «مرحلة جديدة من الحرب». فهل تحاول إسرائيل حسم الوضع على الجبهة اللبنانية بتوسيع الحرب مع «حزب الله»، وصولاً لشن عملية برية ضده؟ وهل ستتجه حكومة بنيامين نتنياهو إلى ترسيم منطقة فاصلة مع لبنان لحماية مستوطنات شمال إسرائيل؟
لقد استطاعت إسرائيل أن توجه ضربات متتالية لـ «حزب الله» بقتل عدد مؤثر من كبار قياداته العسكرية، سواء بتفجيرات أجهزة الاتصالات أو باستهداف مواقع قياداته بدقة متناهية، وهو ما سينعكس سلباً على قدرات الحزب التنظيمية والقتالية، كما يطرح في الوقت ذاته العديدَ من التساؤلات حول وجود اختراقات أمنية كبرى داخل صفوف الحزب! وكان الأمين العام لـ «حزب الله» قد وجَّه مقاتلي حزبه، في خطاب له يوم 14 فبراير الماضي، للتخلي عن الهواتف المحمولة التي وصفها بـ «العميل القاتل»، مما أدى إلى زيادة اعتمادهم على أجهزة النداء الآلي والأجهزة اللاسلكية التي تم اختراقها في العمليات الأخيرة، مفضيةً إلى خلخلة منظومة الاتصال والتواصل داخل الحزب وإلى بث الفوضى وزعزعة منظومة القيادة والسيطرة فيه.
واليوم، يبدو من الصعب على الجانبين، إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، خفض التصعيد الدائر بينهما. ويرى العديد من المحللين العسكريين أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة المتتالية للحزب تستهدف إضعافه مِن الداخل، وفي الوقت ذاته تتجه حكومة نتنياهو إلى توسيع العمليات العسكرية في جبهة الشمال، وصولاً إلى مناورات برية محدودة للجيش الإسرائيلي بهدف إقامة «حزام أمني» فاصل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، سعياً لإعادة سكان شمال إسرائيل وترميم سمعة الحكومة الإسرائيلية داخلياً. ورغم ذلك فإن خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً لا يزال مستبعداً.
*كاتبة إماراتية