اجتذبت المناظرة الرئاسية الأميركية بين نائبة الرئيس المرشحة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، أنظارَ العالم، وكانت هذه المناظرة التي أُجريت مساء الثلاثاء الماضي الأولى بين المرشحَين والثانية لدونالد ترامب، حيث أدت تداعيات المناظرة الأولى بين الرئيس الحالي جو بايدن وترامب، في يونيو الماضي، والتي أظهرت أداء بايدن المتعثر خلال المناظرة، إلى انسحابه من السباق الرئاسي. ورغم أنه تاريخياً يعتبر تأثير المناظرات الرئاسية يكاد يكون محدوداً فإن مناظرة بايدن وترامب كانت نقطة مفصلية في الحملة الانتخابية إذ أمكنها إعادة تشكيل السباق بخروج بايدن ودخول هاريس محله.

وجاءت المواجهة الأولى بين ترامب وهاريس مليئةً بالتصريحات النارية، وقدّم المرشحان الرئاسيان رؤى وتصوراتٍ مختلفةً ومتباينةً حول السياسة الداخلية والخارجية، وحُظيت القضايا الاقتصادية بالاهتمام الرئيسي، وذلك لأهميتها بالنسبة للناخب الأميركي. ومن بعدها قضايا الهجرة والعدالة الاجتماعية، وصولاً إلى قضايا السياسية الخارجية. وتطرق السؤال الأول إلى قضية الاقتصاد: «هل تعتقدان أن الأميركيين أصبحوا أفضل حالاً مما كانوا عليه قبل أربع سنوات؟»، حيث ردت مرشحة الحزب الديمقراطي قائلةً إنها تخطط لبناء «اقتصاد الفرص»، وكشفت ملامح خطة اقتصادية تدعم بناء ملايين المنازل الجديدة، ومساعدة المشترين لأول مسكن لهم، وتقديم إعفاءات ضريبية للأسر، وحظر «الاحتكار» في أسعار منتجات البقالة.

وقالت هاريس: «ترك لنا دونالد ترامب أسوأ حالة بطالة منذ الكساد العظيم»، مضيفةً: «ما فعلناه هو تنظيف الفوضى التي خلّفها ترامب». أما مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب فوعد في خطته الاقتصادية بتخفيضات ضريبية شاملة، وبخفض أسعار الطاقة واقترح تعريفةً جمركية بنسبة 10 في المئة على جميع الواردات الأميركية، وذكر الصين على وجه الخصوص، قائلاً إن الحكومة أخذت «مليارات» من البلاد من خلال الرسوم الجمركية التي ظلت سارية حتى بعد مغادرته منصبه.

وانتقل المتحاوران إلى واحدة من أهم القضايا بالنسبة للناخبين الأميركيين، وهي ​​حقوق الإجهاض، حيث تدعم هاريس حق المرأة في الإجهاض، بينما قال ترامب: «خططي الرافضة للإجهاض سببها عدم السماح بقتل طفل مكتمل النمو». لم تحظَ السياسة الخارجية بحيز مهم من المناظرة رغم أن كلاً من المرشحين استغل الفرصةَ لمهاجمة الآخر بشأن السياسة الخارجية، ولم يبتعد المرشحان عن مواقفهما المعلنة سابقاً في قضايا السياسة الخارجية، حيث سُئلت هاريس عن الكيفية التي ستتعامل بها مع حرب إسرائيل في غزة وكيف ستستطيع الخروج من حالة الجمود؟ فردت بضرورة إنهاء الحرب «على الفور».

وشددت على «حل الدولتين» وإعادة إعمار غزة وحق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقبلية. بينا رد ترامب بأن هاريس «تكره إسرائيل»، وإذا تم انتخابها فإن إسرائيل ستتم إزالتها من الوجود في غضون عامين. وأكمل: «ما يحصل في الشرق الأوسط ما كان ليحصل خلال رئاستي وسأحل هذا الموضوع وسأنهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا».

وفي ختام المناظرة رددت هاريس الشعار «لن نعود إلى الوراء»، في إشارة إلى سياسات الرئيس السابق ترامب، فهي تركز على المستقبل مؤكدةً أنها وترامب لديهما رؤيتان «مختلفتان للغاية» لأميركا. ومن جهته حذر ترامب من «انحدار الأمة»، وقال إن سياسات هاريس لا تعني شيئاً، لأنها كانت في السلطة بجانب بايدن لأربع سنوات ولم تحقق أياً منها.

وأضاف أن الحرب النووية محتملة إذا فازت هاريس. ورغم تفاوت الانطباعات التي تلت المناظرة، ورغم استطلاعات الرأي التي أظهرت تفوق هاريس، فإن المناظرات والاستطلاعات لا تحسم السباقَ الرئاسي، بل نتائج الولايات المتأرجحة هي ما سيحدد اسم الرئيس القادم لأميركا.

* كاتبة إماراتية